إبحث فى المدونة والروابط التابعة

بعلزبول .. ملك العالم السفلى

بعلزبول .. ملك العالم السفلى
نتن ياهووووووووووووووووووووووووو

مقالات ممنوعة

سوزان عصمت


مقالات عبد الحليم قنديل الثلاث الممنوعة :

ممدوح إسماعيل .. «جناية» نظام

http://harakamasria.org/node/10522

خطـاب مفتوح للجيش

http://harakamasria.org/node/10501

الذين جلبوا العـار لمصـر

http://harakamasria.org/node/10454


محمد الحسينى


فهمي هويدي يكتب عن فاروق حسني: ما هو الثمن؟

القاهرة - محرر مصراوي -
أكد الكاتب الصحفي فهمي هويدي وجود صفقة سياسية تم إبرامها بين القاهرة وتل ابيب من اجل سحب إسرائيل لاعتراضها على انتخاب فاروق حسني وزير الثقافة مديرا لمنظمة اليونسكو.
وقال هويدي في مقاله الذي نشر بعدد من الصحف العربية أن المقابل المدفوع سيكون ماديا وملموسا وفي مصلحة إسرائيل حسب كلام أحد المسئولين الإسرائيليين الكبار في حين أن القرار الإسرائيلي سياسي وأدبي لا أكثر فضلا عن أنه لا يشكل ضمانة كافية لفوز الوزير حسني بالمنصب المنشود.
وفيما يلي نص مقال فهمي هويدي: ما هو الثمن؟
نشرت صحيفة "هاآرتس" الإسرائيلية الخبر التالي منسوبا إلى محررها باراك رافيد: وافقت إسرائيل على سحب اعتراضها على انتخاب السيد فاروق حسني وزير الثقافة المصري مديرا لمنظمة اليونسكو.
وكان ذلك ثمرة اتفاق تم بين الرئيس حسني مبارك ورئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أثناء اجتماعهما الذي عُقد في شرم الشيخ يوم 11 مايو الجاري.
وفي تقديمه ذكر المراسل أن فاروق حسني الذي يشغل منصب وزير الثقافة بمصر منذ 22 عاما (عُيِّن في عام 1987) قال ذات مرة إنه لو استطاع لأحرق الكتب الإسرائيلية التي عرفت طريقها إلى المكتبات المصرية.
أضاف المراسل أن القرار الإسرائيلي جزء من صفقة سرية تم الاتفاق عليها بين الرئيس المصري ورئيس الوزراء الإسرائيلي.
وليس معلوما طبيعة المقابل الذي حصل عليه نتنياهو لتغيير موقف حكومته، لكن مسؤولا كبيرا في مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي صرح بأن الصفقة تبادلية، وأن مصر ستتجاوب مع القرار باتخاذ خطوات أخرى من جانبها، فيما يعتبر مقابلا جيدا وملموسا.
وأضاف أن إسرائيل ما كان لها أن تتخذ هذه الخطوة إلا إذا اطمأنت إلى أن ذلك يحقق مصالحها في نهاية المطاف.
هذا الجزء الأخير تجاهلته بعض الصحف المصرية التي نشرت الخبر، في حين لم تتوقف عنده صحف أخرى، الأمر الذي لا يقلل من أهمية التساؤل عن طبيعة الثمن الذي دفعته مصر في الصفقة، علما بأن المقابل المدفوع سيكون ماديا وملموسا وفي مصلحة إسرائيل، حسب كلام المسؤول الإسرائيلي الكبير، في حين أن القرار الإسرائيلي سياسي وأدبي لا أكثر فضلا عن أنه لا يشكل ضمانة كافية لفوز الوزير المصري بالمنصب المنشود.
ليست هذه هي الملاحظة الوحيدة على أهميتها، لكن الملاحظة الأخرى التي لا تقل أهمية، والتي لا تخلو من مفارقة، أن إسرائيل لم تنس جملة قالها السيد فاروق حسني أثناء مناقشة برلمانية، ثم كفّر عنها بعد ذلك بدعوة الموسيقار الإسرائيلي دانيال بارينبوم لتقديم حفل في دار الأوبرا المصرية، دُعي إليه أغلب رموز الثقافة في مصر، الأمر الذي بدا كأنه اعتذار ومصالحة جماعية، ليس من الوزير فحسب، ولكن من أغلب المثقفين الرافضين للتطبيع مع إسرائيل.
المفارقة أن السيد نتنياهو حين جاء إلى شرم الشيخ، وعقد الصفقة التي "صفح" فيها عن السيد فاروق حسني، اصطحب معه بنيامين أليعازر، وزير الصناعة في حكومته، الذي قدمه إلى الرئيس باعتباره "صديقا قديما".
وهذا "الصديق القديم" كان قائدا لوحدة "شكيد" الإسرائيلية التي قتلت 250 جنديا من وحدة كوماندوز مصرية في عام 1967.
وقد تم تحقيق هذه الجريمة في فيلم وثائقي باسم "روح اشكيد" بثه التلفزيون الإسرائيلي في مارس عام 2007، وتضمن بعض مشاهد إطلاق النار على الجنود المصريين في العريش خلال حرب يونيو.
وكان لبث الفيلم صداه الذي أغضب المصريين وأحرج الحكومة آنذاك، فقدمت ست دعاوى قضائية "لم يعرف مصيرها" ضد بن أليعازر بوصفه قائدا لوحدة قتل الجنود المصريين، في حين ألغيت زيارة لمصر كان مقررا أن يقوم بها باعتباره وزيرا في حكومة أولمرت.
وقرأنا أن وزير خارجية مصر بعث برسالة "شديدة اللهجة" إلى وزيرة خارجية إسرائيل، ثم طويت صفحة الرجل بعد ذلك، وسكتت مصر عن جريمته ثم استقبلته بعد ذلك كصديق!
ينتابني شعور بالخزي والعار حين أجد أننا أغلقنا ملف قتل الأسرى المصريين ونسيناه، ثم استقبلنا أحد كبار القَتَلة بعد ذلك ضمن وفد عقد في شرم الشيخ صفقة لمسامحة وزير الثقافة على بضع كلمات قالها بحق الكتب الإسرائيلية.
هل يُعقل أن يصبح طموح الوزير أغلى وأعز من دماء 250 جنديا مصريا؟..
وأليس من حقنا أن نعرف الثمن الذي دفع في تلك الصفقة، وأن نفهم كيف تحوّل قاتل الجنود المصريين إلى صديق؟!
علما بأن جريمته بحقنا مما لا يسقط بمضي المدة بحكم القانون


شيرين فريد


مركز البيان للإعلام

ندد نصر فريد واصل مفتي الديار المصرية الأسبق باستمرار النظام المصري في إغلاق الحدود بين قطاع غزة ومصر للعام الثالث على التوالي، وأشار إلى أن السعي لإحكام الحصار هو بمثابة الحرب المعلنة على ديار المسلمين ودعم للعدو.
وأضاف في تصريحات نشرتها صحيفة القدس العربي , بأنه لا يمكن بأي حال من الأحوال صنع الأعذار لأي نظام عربي في تقاعسه عن نجدة مليوني فلسطيني من أهالي القطاع قائلاً: 'إذا كان المولى عزوجل سيدخل النار إمرأة لأنها حبست هرة، فما بال الذي يحبس مليوني مواطن ويحول بينهم وبين العلاج والطعام وطلب العلم'.
أضاف لا أجد أي عذر يقبل في هذا السياق والذين يتحدثون عن دفع الضرر عن النفس لا يدركون بأن كامل الإيمان لا يتحقق إلا بأن يحب المرء لنفسه ما يحبه لأخيه المسلم. وتساءل هل يقبل مواطن لنفسه أن تعيش أسرته في رعب وظلم وقهر وجوع عدة أعوام.
ورفض واصل الذرائع التي يطلقها البعض بشأن حتمية هدم الأنفاق بين رفح وقطاع غزة معتبراً إياها شريان الوحيد المتبقي من أجل إبقاء الفلسطينيين على ظهر الحياة وأفتى بحرمة ردم الأنفاق لما فيها من الحاق المزيد من الضرر 'لا يحل لأي جهة أو مسؤول تدمير تلك الأنفاق مهما كانت التهم التي توجه للطرف الذي يستخدمها'.
واعتبر الإمتثال للمطالب الأمريكية والإسرائيلية في هذا الشأن بأنه بمثابة اعانة العدو على الشقيق. ونفى أن يكون هناك نص من القرآن والسنة قد أباح مثل ذلك السلوك.
وحمل واصل على الأنظمة التي لا تريد دعم حركات المقاومة بزعم أنها تعمل ضد مصالح الشعب الفلسطيني وقال: 'دعم حماس وشقيقاتها فرض عين على القادرين من المسلمين كما أن مساندتها تمثل واجباً لحكام المسلمين ليس بإمكانهم الفرار منه مهما إختلقوا من أعذار'.
وناشد واصل علماء الدين أن يكونوا عين الأمة الساهرة في الدفاع عن المقدسات الإسلامية مهما شكل ذلك من عبء عليهم. قال إذا لم يدافعوا عن القدس والمقدسات والشعب والعرض فعن أي قضية شريفة أخرى بوسعهم أن يدافعوا'؟ واعتبر واصل ضياع فلسطين من البحر إلى النهر بأنه خطيئة الحكام العرب ومن عاونهم من رجال الدين الذين أطلقوا لهم الفتاوى التي تجعلهم يتمادون في خلق الأعذار تلو الأعذار بينما العدو الإسرائيلي يلتهم كل صباح مساحة جديدة من الأرض.

وفي ذات السياق إنتقد مفتي مصر الأسبق المناهج التعليمية في المدارس والجامعات والتي أسفرت عن تغييب قضية القدس عن أذهان الأجيال الجديدة، وتساءل عن المغزى من تقليص تدريس ما له علاقة بفلسطين والقضية في مناهج التعليم المختلفة مما كرس في نهاية الأمر حالة من فقدان الذاكرة والهوية بالنسبة للأجيال الجديدة فلم يعد الكثير من الشباب يعلم الكثير عن القضية.


شيرين فريد


مركز البيان للإعلام

ندد نصر فريد واصل مفتي الديار المصرية الأسبق باستمرار النظام المصري في إغلاق الحدود بين قطاع غزة ومصر للعام الثالث على التوالي، وأشار إلى أن السعي لإحكام الحصار هو بمثابة الحرب المعلنة على ديار المسلمين ودعم للعدو.
وأضاف في تصريحات نشرتها صحيفة القدس العربي , بأنه لا يمكن بأي حال من الأحوال صنع الأعذار لأي نظام عربي في تقاعسه عن نجدة مليوني فلسطيني من أهالي القطاع قائلاً: 'إذا كان المولى عزوجل سيدخل النار إمرأة لأنها حبست هرة، فما بال الذي يحبس مليوني مواطن ويحول بينهم وبين العلاج والطعام وطلب العلم'.
أضاف لا أجد أي عذر يقبل في هذا السياق والذين يتحدثون عن دفع الضرر عن النفس لا يدركون بأن كامل الإيمان لا يتحقق إلا بأن يحب المرء لنفسه ما يحبه لأخيه المسلم. وتساءل هل يقبل مواطن لنفسه أن تعيش أسرته في رعب وظلم وقهر وجوع عدة أعوام.
ورفض واصل الذرائع التي يطلقها البعض بشأن حتمية هدم الأنفاق بين رفح وقطاع غزة معتبراً إياها شريان الوحيد المتبقي من أجل إبقاء الفلسطينيين على ظهر الحياة وأفتى بحرمة ردم الأنفاق لما فيها من الحاق المزيد من الضرر 'لا يحل لأي جهة أو مسؤول تدمير تلك الأنفاق مهما كانت التهم التي توجه للطرف الذي يستخدمها'.
واعتبر الإمتثال للمطالب الأمريكية والإسرائيلية في هذا الشأن بأنه بمثابة اعانة العدو على الشقيق. ونفى أن يكون هناك نص من القرآن والسنة قد أباح مثل ذلك السلوك.
وحمل واصل على الأنظمة التي لا تريد دعم حركات المقاومة بزعم أنها تعمل ضد مصالح الشعب الفلسطيني وقال: 'دعم حماس وشقيقاتها فرض عين على القادرين من المسلمين كما أن مساندتها تمثل واجباً لحكام المسلمين ليس بإمكانهم الفرار منه مهما إختلقوا من أعذار'.
وناشد واصل علماء الدين أن يكونوا عين الأمة الساهرة في الدفاع عن المقدسات الإسلامية مهما شكل ذلك من عبء عليهم. قال إذا لم يدافعوا عن القدس والمقدسات والشعب والعرض فعن أي قضية شريفة أخرى بوسعهم أن يدافعوا'؟ واعتبر واصل ضياع فلسطين من البحر إلى النهر بأنه خطيئة الحكام العرب ومن عاونهم من رجال الدين الذين أطلقوا لهم الفتاوى التي تجعلهم يتمادون في خلق الأعذار تلو الأعذار بينما العدو الإسرائيلي يلتهم كل صباح مساحة جديدة من الأرض.

وفي ذات السياق إنتقد مفتي مصر الأسبق المناهج التعليمية في المدارس والجامعات والتي أسفرت عن تغييب قضية القدس عن أذهان الأجيال الجديدة، وتساءل عن المغزى من تقليص تدريس ما له علاقة بفلسطين والقضية في مناهج التعليم المختلفة مما كرس في نهاية الأمر حالة من فقدان الذاكرة والهوية بالنسبة للأجيال الجديدة فلم يعد الكثير من الشباب يعلم الكثير عن القضية.


تكريم أوروبى لجلعاد شاليط

شيرين فريد



وصل مستوى الانحدار في السياسة الأوروبية ,أن يتسابق رجال السياسة والحكم فيها إلى تقليد الجندي الصهيوني الأسير جلعاد شاليط ,الأوسمة ومنحه الجنسية ,وهو القاتل الذي كان يقف خلف دبابته إلى أطراف مخيم اللاجئين في رفح , يقصف الأبرياء من الأطفال ويحاصرهم فيمنع دخول الدواء والحليب إليهم ,وعندما يقع في الأسر خلال عملية عسكرية وفى موقع عسكري , تجد من يدافع عن قضيته من أرباب السلطة السياسية والدينية في أوروبا , لماذا لا يسألون من أين أسر شاليط ؟!هل خطف من قلب مسكنه أو من بين أهله , كما يفعل الاحتلال الصهيوني ,خلال خطف آلاف الأسرى الفلسطينيين ,ولماذا لا ينظر هؤلاء الساسة إلى السبب من وراء أسر شاليط؟! ,وهل هو وحده من يقع في الأسر داخل فلسطين؟ , وماذا عن الطفل يوسف الزق أصغر أسير فلسطيني ,والذي لم يتجاوز عمره العامين, فهل تحرك صرخات مئات النساء في الأسر الصهيوني ؟! وهل تلاقي آلام آلاف الأسرى المرضى في القيد الصهيوني ,من يهب لنجدتهم من المدافعين عن حقوق الإنسان في أوربا , أم أن لون دمائهم و بشرتهم ,لا تؤهلهم لأن يقف المجتمع المتحضر معهم في محنتهم .

إن قيام رئيس بلدية روما 'جياني المانو' بمنح الجندي الصهيوني ,القاتل جلعاد شاليط الجنسية الايطالية ,تقديراً من روما وإيطاليا لبطولته ومعاناته ,كما صرح بذلك حين مقابلته لوالد شاليط ,يعتبر قمة الوقاحة والعدوان بحق الشعب الفلسطيني ,وهل قتل الأطفال والاعتداء على المواطنين ,بقصف منازلهم بطولة يا حكومة ايطاليا ؟! أم هو العداء للمسلمين وتكريم كل من يشارك في قتلهم وإبادتهم ,وقديماً ارتكبت جيوش إيطاليا ,المجازر بحق الشعب الليبي المسلم ,وهي ترى بأفعال الجيش الصهيوني وشاليط ,استكمال لمجازرها القديمة بحق المسلمين, فالكفر ملة واحدة ,ولقد سبق لرئيس بلدية باريس ,وعضو البرلمان الفرنسي "كلود جاسكوين" ,منح الجندي جلعاد شاليط مواطَنةَ شرف بلدية باريس الفخرية ، وهو وسام فخري رفيع في فرنسا ,حتى أصبح تكريم القتلة عرفاً متداولاً فى أوروبا التي تدعي دفاعها عن الحريات .

المشروع الصهيونى فى العراق

محمد سيف الدولة

بعد مصر والسودان نتناول اليوم ما ورد عن العراق فى محاضرة وزير الامن الداخلى الصهيونى " آفى ديختر " ، التى القاها يوم 4 سبتمبر 2008 ، فى معهد ابحاث الامن القومى الاسرائيلى . والتى كان اهم ما جاء فيها :

§ ان تحييد العراق عن طريق تكريس أوضاعه الحالية ليس أقل أهمية وحيوية عن تكريس وإدامة تحييد مصر

§ وان كان تحييد مصر قد تحقق بوسائل دبلوماسية لكن تحييد العراق يتطلب استخدام كل الوسائل المتاحة وغير المتاحة حتى يكون التحييد شاملا كاملا .

§ و ان المعادلة الحاكمة لاسرائيل فى البيئة العراقية تنطلق من مزيد من تقويض حزمة القدرات العربية فى دولها الرئيسية من أجل تحقيق المزيد من الأمن القومى لإسرائيل .

§ العراق الذي ظل فى منظورنا الاستراتيجى التحدى الاستراتيجى الأخطر بعد أن تحول الى قوة عسكرية هائلة , فجأة تلاشى كدولة وكقوة عسكرية بل وكبلد واحد متحد , العراق يقسم جغرافيا وانقسم سكانيا وشهد حربا أهلية شرسة ومدمرة أودت بحياة بضع مئات الألوف

§ وان تحليلنا النهائى و خيارانا الاستراتيجى هو أن العراق يجب أن يبقى مجزأ ومنقسما ومعزولا داخليا بعيدا عن البيئة الإقليمية .

§ و ليس بوسع أحد أن ينكر أننا حققنا الكثير من الأهداف فى العراق أكثر مما خططنا وأعددنا له .

§ فنحن لم نكن بعيدين عن التطورات هناك منذ عام 2003

§ و ما زال هدفنا الإستراتيجى هو عدم السماح لهذا البلد أن يعود الى ممارسة دور عربى واقليمى ، لأننا سنكون أول المتضررين .

§ و نحن نستخدم فى ذلك كل الوسائل غير المرئية على الصعيد السياسى والأمني لتحقيق اهدافنا

§ و ذروة اهداف اسرائيل هو دعم الاكراد بالسلاح والتدريب والشراكة الامنية من اجل تاسيس دولة كردية مستقلة فى شمال العراق تسيطر على نفط كركوك وكردستان

§ ولقد كان من المستحيل ان تنجح اسرائيل فى تحقيق ما حققته الولايات المتحدة فى العراق الا باستخدام عناصر القوة لديها بما فيها السلاح النووى

§ و ان استمرار وجود الولايات المتحدة فى العراق لعقد او عقدين سيكون ضمانة لاسرائيل ضد عودة العراق لمواجهة اسرائيل

§ و ان الاتفاقية الامنية الامريكية العراقية ستتضمن بنودا تضمن تحييد العراق فى اى حرب مع سوريا او لبنان او ايران كما تضمن عدم السماح للعراق بالالتزام باى مواثيق تعادى اسرائيل مثا معاهدة الدفاع العربى المشترك .

* * * * *

وقبل ان نعرض نص المحاضرة ، نراجع معا ما جاء فى وثيقة صهيونية اخرى حول العراق ، نشرتها مجلة كيفونيم لسان حال المنظمة الصهيونية العالمية عام 1982تحت عنوان " استراتيجية اسرائيل فى الثمانينات " ، ونشرناها نحن بعنوان : "الوثيقة الصهيونية لتفتيت الامة العربية "، حيث جاء فيها ما يلى :

§ ان العراق لاتختلف كثيرا عن جارتها ولكن الأغلبية فيها من الشيعة والاقلية من السنة ، ان 65% من السكان ليس لهم أى تأثير على الدولة التى تشكل الفئة الحاكمة فيها 20% الى جانب الأقلية الكردية الكبيرة فى الشمال

§ ولولا القوة العسكرية للنظام الحاكم وأموال البترول ، لما كان بالامكان ان يختلف مستقبل العراق عن ماضى لبنان وحاضر سوريا .

§ ان بشائر الفرقة والحرب الأهلية تلوح فيها اليوم ، خاصة بعد تولى الخمينى الحكم ، والذى يعتبر فى نظر الشيعة العراقيين زعيمهم الحقيقى وليس صدام حسين .

§ ان العراق الغنية بالبترول والتى تكثر فيها الفرقة والعداء الداخلى هى المرشح التالى لتحقيق أهداف اسرائيل .

§ ان تفتيت العراق هو أهم بكثير من تفتيت سوريا وذلك لأن العراق أقوى من سوريا

§ ان فى قوة العراق خطورة على اسرائيل فى المدى القريب أكبر من الخطورة النابعة من قوة أية دولة أخرى .

§ وسوف يصبح بالامكان تقسيم العراق الى مقاطعات اقليمية طائفية كما حدث فى سوريا فى العصر العثمانى

§ وبذلك يمكن اقامة ثلاث دويلات ( أو أكثر ) حول المدن العراقية

§ دولة فى البصرة ، ودولة فى بغداد ، ودولة فى الموصل ، بينما تنفصل المناطق الشيعية فى الجنوب عن الشمال السنى الكردى فى معظمه .

* * * * *

نص المحاضرة

ليس بوسع أحد أن ينكر أننا حققنا الكثير من الأهداف على هذه الساحة بل وأكثر مما خططنا له وأعددنا فى هذا الخصوص . يجب استحضار ما كنا نريد أن نفعله وننجزه فى العراق منذ بداية تدخلنا فى الوضع العراقى منذ بداية عقد السبعينات من القرن العشرين , جل وذروة هذه الأهداف هو دعم الأكراد لكونهم جماعة أثنية مضطهدة من حقها أن تقرر مصيرها بالتمتع بالحرية شأنها شأن أى شعب .

فى البداية كان المخططون فى الدولة وعلى رأسهم " أورى ليبرانى " المستشار الأسبق لرئيس الوزراء ثم سفيرنا فى تركيا وأثيوبيا وإيران قد حدد إطار وفحوى الدعم الإسرائيلى الأكراد . هذا الدعم كان فى البداية متواضعا , دعم سياسى و إثارة قضية الأكراد وطرحها فوق المنابر . لم يكن بوسع الأكراد أن يتولوها فى الولايات المتحدة وفى أوروبا وحتى داخل بعض دول أوروبا . كان دعم مادى أيضا ولكنه محدود .

التحول الهام بدأ عام 1972 . هذا الدعم اتخذ أبعادا أخرى أمنية , مد الأكراد بالسلاح عبر تركيا وإيران واستقبال مجموعات كردية لتلقى التدريب فى إسرائيل بل وفى تركيا وإيران .

هكذا أصبح هذا الدعم المحرك لتطور مستوى العلاقات الاستراتيجية بين إسرائيل والأكراد , وكان من المنتظر أن تكون له نتائج مهمة لولا أن ايران الشاه والعراق توصلا الى صفقة فى الجزائر عام 1975 , هذه الصفقة وجهت ضربة قوية الى الطموح الكردى . لكن وفق شهادات قيادات إسرائيلية ظلت على علاقة بزعيم الأكراد مصطفى البرزانى . الأكراد لم يتملكهم اليأس , على العكس ظلوا أكثر إصرارا على الإستمرار فى صراعهم ضد السلطة فى بغداد .

بعد إنهيار المقاومة الكردية كنتيجة للاتفاق مع إيران توزعت قياداتهم على تركيا وسوريا وإسرائيل . إسرائيل وانطلاقا من إلتزام أدبى وأخلاقى كان من واجبها أن تظل الى جانب الأكراد وتأخذ بأيديهم الى أن يبلغوا الهدف القومى الذي حددوه , تحقيق الحكم الذاتى فى المرحلة الأولى ومرحلة الإستقلال الناجز بعد ذلك .

لن أطيل فى حديثى عن الماضى , يجب أن ينصب حديثى على أن ما تحقق فى العراق فاق ما كان عقلنا الاستراتيجى يتخيله .

الآن فى العراق دولة كردية فعلا , هذه الدولة تتمتع بكل مقومات الدولة أرض شعب دولة وسلطة وجيش واقتصاد ريعى نفطى واعد , هذه الدولة تتطلع الى أن تكون حدودها ليست داخل منطقة كردستان , بل ضم شمال العراق بأكمله , مدينة كركوك فى المرحلة الأولى ثم الموصل وربما الى محافظة صلاح الدين الى جانب جلولاء وخانقين .

الأكراد حسب ما لمسناه خلال لقاءات مع مسؤولين إسرائيليين لايدعون مناسبة دون أن يشيدوا بنا وذكروا دعمنا ويمثنوا مواقفنا والإنتصار الذي حققوه فى العراق فاق قدرتهم على استيعابه .

وبالنسبة لنا لم تكن أهدافنا تتجاوز دعم المشروع القومى الكردى لينتج كيان كردى أو دولة كردية . لم يدر بخلدنا لحظة أن تتحقق دفعة واحدة مجموعة أهداف نتيجة للحرب التى شنتها الولايات المتحدة وأسفرت عن احتلاله . العراق الذي ظل فى منظورنا الاستراتيجى التحدى الاستراتيجى الأخطر بعد أن تحول الى قوة عسكرية هائلة , فجأة العراق يتلاشى كدولة وكقوة عسكرية بل وكبلد واحد متحد , العراق يقسم جغرافيا وانقسم سكانيا وشهد حربا أهلية شرسة ومدمرة أودت بحياة بضع مئات الألوف .

إذا رصدنا الأوضاع فى العراق منذ عام 2003 فإننا سنجد أنفسنا أمام أكثر من مشهد :

1. العراق منقسم على أرض الواقع الى ثلاثة كيانات أو أقاليم رغم وجود حكومة مركزية .

2. العراق ما زال عرضة لإندلاع جولات جديدة من الحروب والإقتتال الداخلى بين الشيعة والسنة وبين العرب والأكراد .

3. العراق بأوضاعه الأمنية والسياسية والاقتصادية لن يسترد وضعه ما قبل 2003 .

نحن لم نكن بعيدين عن التطورات فوق هذه المساحة منذ عام 2003 , هدفنا الإستراتيجى مازال عدم السماح لهذا البلد أن يعود الى ممارسة دور عربى وإقليمى لأننا نحن أول المتضررين . سيظل صراعنا على هذه الساحة فاعلا طالما بقيت القوات الأمريكية التى توفر لنا مظلة وفرصة لكى تحبط أية سياقات لعودة العراق الى سابق قوته ووحدته . نحن نستخدم كل الوسائل غير المرئية على الصعيد السياسى والأمني . نريد أن نخلق ضمانات وكوابح ليس فى شمال العراق بل فى العاصمة بغداد . نحن نحاول أن ننسج علاقات مع بعض النخب السياسية والإقتصادية حتى تبقى بالنسبة لنا ضمانة لبقاء العراق خارج دائرة الدول العربية التى هى حالة حرب مع اسرائيل , العراق حتى عام 2003 كان فى حالة حرب مع إسرائيل . وكان يعتبر الحرب مع إسرائيل من أوجب واجباته . إسرائيل كانت تواجه تحدى استراتيجى حقيقى فى العراق , رغم حربه مع ايران لمدة ثمانية أعوام واصل العراق تطوير وتعزيز قدراته التقليدية والإستراتيجية بما فيها سعيه لحيازة سلاح نووى .

هذا الوضع لايجب أن يتكرر نحن نتفاوض مع الأمريكان من أجل ذلك , من أجل قطع الطريق أمام عودة العراق ليكون دولة مواجهة مع اسرائيل.

الإدارة الأمريكية حريصة على ضمان مصالحنا وعلى توفير هذه الضمانات عبر وسائل مختلفة .

1. بقاء القوات الأمريكية فى العراق لفترة لا تقل عن عقد الى عقدين حتى فى حالة فوز باراك أوباما الذي يحبذ سحب القوات الأمريكية حتى نهاية عام 2009.

2. الحرص على أن تشمل الاتفاقية الأمنية بين الولايات المتحدة والحكومة العراقية أكثر من بند يضمن تحييد العراق فى النزاع مع إسرائيل وعدم السماح له بالإنضمام الى أية تحالفات أو منظومات أو الإلتزام بمواثيق تتأسس على العداء ضد إسرائيل كمعاهدة الدفاع العربى المشترك أو الإشتراك فى أى عمل عدائى ضد إسرائيل إذا ما نشبت حرب فى المنطقة مع سوريا أو لبنان أو إيران .

الى جانب هذه الضمانات هناك أيضا جهود وخطوات نتخذها نحن بشكل منفرد لتأمين ضمانات قوية لقطع الطريق على عودة العراق الى موقع الخصم . استمرار الوضع الحالى فى العراق ودعم الأكراد فى شمال العراق ككيان سياسى قائم بذاته , يعطى ضمانات قوية ومهمة للأمن القومى الإسرائيلى على المدى المنظور على الأقل .

نحن نعمل على تطوير شراكة أمنية واستراتيجية مع القيادة الكردية رغم أن ذلك قد يثير غضب تركيا الدولة الصديقة . نحن لم ندخر جهدا فى سبيل إقناع الزعامة التركية وعلى الأخص رجب أردوغان وعبد الله جول بل والقادة العسكريين أن دعمنا للأكراد فى العراق لا يمس وضع الأكراد فى تركيا .

أوضحنا هذا أيضا للقيادة الكردية وحذرناها من مغبة الإحتكاك بتركيا أو دعم أكراد تركيا بأى شكل من اشكال الدعم , أكدنا لهم أن الشراكة مع إسرائيل يجب أن لا تضر بالعلاقة مع تركيا وأن ميدان هذه الشراكة هو العراق فى الوقت الحالى , وقد يتسع المستقبل لكن شريطة أن يتجه هذا الأتساع نحو سوريا وإيران .

مواجهة التحديات الاستراتيجية فى البيئة الإقليمية يحتم علينا أن لا نغمض العين عن تطورات الساحة العراقية وملاحقتها , لا بالوقوف متفرجين بل فى المساهمة بدور كى لا تكون تفاعلاتها ضارة ومفاقمة للتحديات .

تحييد العراق عن طريق تكريس أوضاعه الحالية ليس أقل أهمية وحيوية عن تكريس وإدامة تحييد مصر , تحييد مصر تحقق بوسائل دبلوماسية لكن تحيي العراق يتطلب استخدام كل الوسائل المتاحة وغير المتاحة حتى يكون التحييد شاملا كاملا .

لا يمكن الحديث عن استخدام خيار القوة لأن هذا الشرط غير قائم بالنسبة للعراق . ولأن هذا الخيار مارسته القوة الأعظم فى العالم, الولايات المتحدة , وحققت نتائج تفوق كل تصور , كان من المستحيل على اسرائيل أن تحققه إلا بوسيلة واحدة وهى استخدام عناصر القوة بحوزتها بما فيها السلاح النووى .

تحليلنا النهائى أن العراق يجب أن يبقى مجزأ ومنقسما ومعزولا داخليا بعيدا عن البيئة الإقليمية , هذا هو خيارانا الاستراتيجى . ومن أجل تحقيقه سنواظب على استخدام الخيارات التى تكرس هذا الوضع , دولة كردية فى العراق تهيمن على مصادر إنتاج انتاج النفط فى كركوك وكردستان .

هناك إلتزام من القيادة الكردية بإعادة تشغيل خط النفط من كركوك الى خط IBC سابقا عبر الأردن وقد جرت مفاوضات أولية مع الأردن وتم التوصل الى اتفاق مع القيادة الكردية , وإذا ما تراجع الأردن فهناك البديل التركى أى مد خط كركوك ومناطق الإنتاج الأخرى فى كردستان تتم الى تركيا واسرائيل , أجرينا دراسات لمخطط أنابيب للمياه والنفط مع تركيا ومن تركيا الى إسرائيل .

المعادلة الحاكمة فى حركتنا الاستراتيجية فى البيئة العراقية تنطلق من مزيد من تقويض حزمة القدرات العربية فى دولها الرئيسية من أجل تحقيق المزيد من الأمن القومى لإسرائيل .

* * * * *

القاهرة فى 14 مايو 2009

السودان فى عيون صهيونية

محمد سيف الدولة



تناولنا الاسبوع الماضى الجزء الخاص بمصر فى محاضرة آفى ديختر وزير الامن الصهيونى ، التى القاها فى 4 سبتمبر الماضى 2008 فى معهد ابحاث الامن القومى الاسرائيلى .

واليوم نتناول الجزء الخاص بالسودان ، وفيما يلى اهم ما جاء به :

§ ان اضعاف الدول العربية الرئيسية بشكل عام ، واستنزاف طاقاتها وقدرتها هو واجب وضرورة من اجل تعظيم قوة اسرائيل واعلاء منعتها فى مواجهة الاعداء ، وهو ما يحتم عليها استخدام الحديد والنار تارة والدبلوماسية ووسائل الحرب الخفية تارة اخرى

§ والسودان بموارده ومساحته الشاسعة ، كان من الممكن ان يصبح دولة اقليمية قوية منافسة لدول مثل مصر والعراق والسعودية .

§ كما انه يشكل عمقا استراتيجيا لمصر ، وهو ما تجسد بعد حرب 1967 عندما تحول الى قواعد تدريب وايواء لسلاح الجو المصرى وللقوات الليبية ، كما انه ارسل قوات مساندة لمصر فى حرب الاستنزاف عام 1968.

§ وعليه فانه لا يجب ان يسمح لهذا البلد ان يصبح قوة مضافة الى قوة العالم العربى

§ ولابد من العمل على اضعافه وانتزاع المبادرة منه لبناء دولة قوية موحدة

§ فسودان ضعيف ومجزأ وهش افضل من سودان قوى وموحد وفاعل

§ وهو ما يمثل من المنظور الاستراتيجى ضرورة من ضرورات الامن القومى الاسرائيلى

§ ولقد تبنى كل الزعماء الصاينة من بن جوريون وليفى اشكول وجولدا مائير واسحاق رابين ومناحم بيجين وشامير وشارون واولمرت خطا استراتيجيا واحدا فى التعامل مع السودان هو : العمل على تفجير ازمات مزمنة ومستعصية فى الجنوب ثم دارفور

§ وانه حان الوقت للتدخل فى غرب السودان وبنفس الآلية والوسائل لتكرار ما فعلته اسرائيل فى جنوب السودان

§ وان النشاط الصهيونى فى دارفور لم يعد قاصرا على الجانب الرسمى ، بل يسانده فى ذلك ، كل المجتمع الاسرائيلى بمنظماته وقواه وحركاته وامتدادته فى الخارج .

§ وان الدور الامريكى فى دارفور يسهم بشكل فعال فى تفعيل الدور الاسرائيلى

§ وامريكا مصرة على التدخل المكثف فى السودان لصالح انفصال الجنوب وانفصال دارفور على غرار ما حدث فى كوسوفو .

§ وان اسرائيل نجحت بالفعل فى تغيير مجرى الاوضاع فى السودان ، فى اتجاه التأزم والتدهور والانقسام ، وهو ما سينتهى عاجلا ام آجلا الى تقسيمه الى عدة كيانات ودول مثل يوغوسلافيا .

§ وبذلك لم يعد السودان دولة اقليمية كبرى قادرة على دعم الدول العربية المواجهة لاسرائيل .

* * *

وقبل ان نعرض نص المحاضرة ، نراجع معا ما جاء فى وثيقة صهيونية اخرى حول نفس الموضوع ، نشرتها مجلة كيفونيم لسان حال المنظمة الصهيونية العالمية عام 1982تحت عنوان " استراتيجية اسرائيل فى الثمانينات " ، ونشرناها نحن بعنوان : "الوثيقة الصهيونية لتفتيت الامة العربية "، حيث جاء فيها ما يلى :

§ ان مصر المفككة والمقسمة الى عناصر سيادية متعددة ، على عكس ماهى عليه الآن ، سوف لاتشكل أى تهديد لاسرائيل بل ستكون ضمانا للزمن والسلام لفترة طويلة ، وهذا الامر هو اليوم فى متناول ايدينا .

§ ان دول مثل ليبيا والسودان والدول الابعد منها سوف لايكون لها وجود بصورتها الحالية ، بل ستنضم الى حالة التفكك والسقوط التى ستتعرض لها مصر . فاذا ما تفككت مصر فستتفكك سائر الدول الاخر ، ان فكرة انشاء دولة قبطية مسيحية فى مصر العليا الى جانب عدد من الدويلات الضعيفة التى تتمتع بالسيادة الاقليمية فى مصر ـ بعكس السلطة والسيادة المركزية الموجودة اليوم ـ هى وسيلتنا لاحداث هذا التطور التاريخى . ان تفتيت لبنان الى خمس مقاطعات اقليمية يجب أن يكون سابقة لكل العالم العربى بما فى ذلك مصر وسوريا والعراق وشبه الجزيرة العربية .

§ و السودان أكثر دول العالم العربى الاسلامى تفككا فانها تتكون من أربع مجموعات سكانية كل منها غريبة عن الأخرى ، فمن أقلية عربية مسلمة سنية تسيطر على أغلبية غير عربية افريقية الى وثنيين الى مسيحيين .

* * *

والآن فلنقرأ معا نص المحاضرة

يتساءل البعض فى اسرائيل : لماذا نهتم بالسودان ونعطيه هذا القدر من الأهمية ؟ ولماذا التدخل فى شئونه الداخلية فى الجنوب سابقا وفى الغرب دارفور حاليا طالما أن السودان لا يجاورنا جغرافيا ، وطالما أن مشاركته فى إسرائيل معدومة أو هامشية وارتباطه بقضية فلسطين حتى نهاية الثمانينات ارتباطا واهيا وهشا ؟

وحتى لا نطيل فى الإجابة يتعين أن نسجل هنا عدة نقاط محورية تكفى لتقديم إجابات على هذه التساؤلات التى تطرح من قبل ساسة وإعلاميين سواء فى وسائل الإعلام وأحيانا فى الكنيست :

1. إسرائيل حين بلورت محددات سياستها واستراتيجيتها حيال العالم العربى انطلقت من عملية استجلاء واستشراف للمستقبل وأبعاده وتقييمات تتجاوز المدى الحالى أو المنظور .

2. السودان بموارده ومساحته الشاسعة وعدد سكانه كان من الممكن أن يصبح دولة إقليمية قوية منافسة لدول عربية رئيسة مثل مصر والعراق والسعودية . لكن السودان ونتيجة لأزمات داخلية بنيويه , صراعات وحروب أهلية فى الجنوب استغرقت ثلاثة عقود ثم الصراع الحالى فى دارفور ناهيك عن الصراعات حتى داخل المركز الخرطوم تحولت الى أزمات مزمنة . هذه الأزمات فوتت الفرصة على تحوله الى قوة إقليمية مؤثرة تؤثر فى البنية الأفريقية والعربية.

كانت هناك تقديرات إسرائيلية حتى مع بداية استقلال السودان فى منتصف عقد الخمسينات أنه لا يجب أن يسمح لهذا البلد رغم بعده عنا أن يصبح قوة مضافة الى قوة العالم العربى لأن موارده إن استمرت فى ظل أوضاع مستقرة ستجعل منه قوة يحسب لها ألف حساب . وفى ضوء هذه التقديرات كان على إسرائيل أو الجهات ذات العلاقة أو الاختصاص أن تتجه الى هذه الساحة وتعمل على مفاقمة الأزمات وإنتاج أزمات جديدة حتى يكون حاصل هذه الأزمات معضلة يصعب معالجتها فيما بعد .

3. كون السودان يشكل عمق استراتيجى لمصر , هذا المعطى تجسد بعد حرب الأيام الستة 1967 عندما تحول السودان الى قواعد تدريب وإيواء لسلاح الجو المصرى وللقوات البرية هو وليبيا . ويتعين أيضا أن نذكر بأن السودان أرسل قوات الى منطقة القناة أثناء حرب الإستنزاف التى شنتها مصر منذ عام 1968 ـ 1970 .

كان لابد أن نعمل على إضعاف السودان وانتزاع المبادرة منه لبناء دولة قوية موحدة رغم أنها تعد بالتعددية الأثتية والطائفية ـ لان هذا من المنظور الاستراتيجى الإسرائيلى ضرورة من ضرورات دعم وتعظيم الأمن القومى الإسرائيلى .

وقد عبرت عن هذا المنظور رئيسة الوزراء الراحلة ( جولدا مائير ) عندما كانت تتولى وزارة الخارجية وكذلك ملف إفريقيا فى عام 1967 عندما قالت : " إن إضعاف الدول العربية الرئيسية واستنزاف طاقاتها وقدراتها واجب وضرورة من أجل تعظيم قوتنا وإعلاء عناصر المنعة لدينا فى إطار المواجهة مع أعداءنا . وهذا يحتم علينا استخدام الحديد والنار تارة والدبلوماسية ووسائل الحرب الخفية تارة أخرى " .

وكشفت عن أن إسرائيل وعلى خلفية بعدها الجغرافى عن العراق والسودان مضطرة لاستخدام وسائل أخرى لتقويض أوضاعهما من الداخل لوجود الفجوات والتغيرات فى البنية الاجتماعية والسكانيه فيهما .

(وراح ديختر يورد المعطيات عن وقائع الدور الإسرائيلى فى إشعال الصراع فى جنوب السودان انطلاقا من مرتكزات قد أقيمت فى أثيوبيا وفى أوغندا وكينيا والزائير سابقا الكونغو الديموقراطية حاليا )

وقال ان جميع رؤساء الحكومات فى إسرائيل من بن جوريون وليفى أشكول وجولدا مائير واسحاق رابين ومناحم بيجين ثم شامير وشارون وأولمرت تبنوا الخط الاستراتيجى فى التعاطى مع السودان الذي يرتكز ( على تفجير بؤرة وأزمات مزمنة ومستعصية فى الجنوب وفى أعقاب ذلك فى دارفور ) .

هذا الخط الاستراتيجى كانت له نتائج ولاتزال أعاقت وأحبطت الجهود لإقامة دولة سودانية متجانسة قوية عسكريا واقتصاديا قادرة على تبوأ موقع صدارة فى البيئتين العربية والأفريقية .

فى البؤرة الجديدة فى دارفور تداخلنا فى إنتاجها وتصعيدها ، كان ذلك حتميا وضروريا حتى لا يجد السودان المناخ والوقت لتركز جهودها باتجاه تعظيم قدراته . ما أقدمنا عليه من جهود على مدى ثلاثة عقود يجب أن لا يتوقف لأن تلك الجهود هى بمثابة مداخلات ومقدمات التى أرست منطلقاتنا . الاستراتيجية التى تضع نصب اعينها أن سودان ضعيف ومجزأ وهش أفضل من سودان قوى وموحد وفاعل .

نحن بالإضافة الى ذلك نضع فى إعتبارنا وفى صميم اهتمامنا حق سكان الجنوب فى السودان فى تقرير المصير والإنعتاق من السيطرة . من واجبنا الأدبى والأخلاقى أن ندعم تطلعات وطموحات سكان الجنوب ودارفور. حركتنا فى دارفور لم تعد قاصرة على الجانب الرسمى وعلى نشاط أجهزة معينة . المجتمع الإسرائيلى بمنظماته المدنية وقواه وحركاته وامتداداتها فى الخارج تقوم بواجبها لصالح سكان دارفور .

الموقف الذي أعبر عنه بصفتى وزيرا إزاء ما يدور فى دارفور من فظائع وعمليات إبادة ومذابح جماعية هو موقف شخصى وشعبى ورسمى .

من هنا نحن متواجدين فى دارفور لوقف الفظائع وفى ذات الوقت لتأكيد خطنا الإستراتيجى من أن دارفور كجنوب السودان من حقه أن يتمتع بالاستقلال وإدارة شؤونه بنفسه ووضع حد لنظام السيطرة المفروض عنوة من قبل حكومة الخرطوم .

لحسن الطالع أن العالم يتفق معنا من أنه لابد من التدخل فى دارفور سياسيا واجتماعيا وعسكريا . الدور الأمريكى فى دارفور دور مؤثر وفعال ومن الطبيعى أن يسهم أيضا فى تفعيل الدور الإسرائيلى ويسانده كنا سنواجه مصاعب فى الوصول الى دارفور لنمارس دورنا المتعدد الأوجه بمفردنا وبمنأى عن الدعم الأمريكى والأوروبى .

صانعوا القرار فى البلاد كانوا من أوائل المبادرين الى وضع خطة للتدخل الإسرائيلى فى دارفور 2003 والفضل يعود الى رئيس الوزراء السابق إرييل شارون . أثبتت النظرة الثاقبة لشارون والمستمدة من فهمه لمعطيات الوضع السودانى خصوصا والوضع فى غرب أفريقيا صوابيتها . هذه النظرة وجدت تعبيرا لها فى كلمة قاطعة ألقاها رئيس الوزراء السابق خلال اجتماع الحكومة فى عام 2003 ( حان الوقت للتدخل فى غرب السودان وبنفس الآلية والوسائل وبنفس أهداف تدخلنا فى جنوب السودان ).

لابد من التفكير مرة أخرى بأن قدر هام وكبير من أهدافنا فى السودان قد تحقق على الأقل فى الجنوب وهذه الأهداف تكتسب الآن فرص التحقيق فى غرب السودان فى دارفور .

وعندما سئل ديختر ما هى نظرته الى مستقبل السودان على خلفية أزماته المستعصية فى الجنوب وفى الغرب والإضطراب السياسى وعدم الاستقرار فى الشمال وفى مركز القرار الخرطوم ؟ . هذا السؤال طرحه نائب وزير الدفاع السابق جنرال الإحتياط إفرايم سنيه .

رد ديختر على هذا السؤال : ( هناك قوى دولية تتزعمها الولايات المتحدة مصرة على التدخل المكثف فى السودان لصالح خيارات تتعلق بضرورة أن يستقل جنوب السودان وكذلك إقليم دارفور على غرار استقلال إقليم كوسوفو . لا يختلف الوضع فى جنوب السودان وفى دارفور عن وضع كوسوفو . سكان هذين الإقليمين يريدون الإستقلال وحق تقرير المصير قاتلوا الحكومة المركزية من أجل ذلك .

وأريد أن أنهى تناولى للمحور السودانى فى هذه المحاضرة تأكيد أن استراتيجيتنا التى ترجمت على الأرض فى جنوب السودان سابقا وفى غربه حاليا استطاعت أن تغير مجرى الأوضاع فى السودان نحو التأزم والتدهور والإنقسام . أصبح يتعذر الآن الحديث عن تحول السودان الى دولة إقليمية كبرى وقوة داعمة للدول العربية التى نطلق عليها دول المواجهة مع اسرائيل . السودان فى ظل أوضاعه المتردية والصراعات المحتدمة فى جنوبه وغربه وحتى فى شرقه غير قادر على التأثير بعمق فى بيئته العربية والأفريقية لأنه متورط ومشتبك فى صراعات ستنتهى إن عاجلا أو آجلا بتقسيمه الى عدة كيانات ودول مثل يوغوسلافيا التى انقسمت الى عدة دول البوسنة والهرسك وكرواتيا وكوسوفو ومقدونيا وصربيا ويبقى السؤال عالقا متى ؟.

بالنسبة لجنوب السودان الدلائل كلها تؤكد أن جنوب السودان فى طريقه الى الإنفصال لأن هذا هو خياره الوحيد . هو بحاجة الى كسب الوقت لإقامة مرتكزات دولة الجنوب . وقد يتحقق ذلك قبل موعد إجراء الاستفتاء عام 2011 إلا إذا طرأت تغيرات داخلية واقليمية إما أن تسهم فى تسريع تحقق هذا الخيار أو فى تأخيره .

* * *

القاهرة فى 7 مايو 2009

http://thumbs.bc.jncdn.com/bff364b20c2046109ce622937089bc52_ml.jpg

أعلنت رئاسة الجمهورية صباح اليوم الثلاثاء وفاة محمد علاء مبارك الحفيد الاكبر للرئيس حسني مبارك مساء امس الاثنين. ونقلت وكالة انباء الشرق الاوسط الرسمية بيانا مقتضبا عن رئاسة الجمهورية نصه كالتالي:

"يحتسب الرئيس حسني مبارك عند الله حفيده محمد علاء حسني مبارك الذي وافته المنية مساء الاثنين إثر الأزمة الصحية التي تعرض لها خلال اليومين الماضيين، وسوف تشيع الجنازة الثلاثاء بعد صلاة العصر من مسجد "آل رشدان".

ولم يوضح البيان طبيعة الازمة الصحية التي ألمت بمحمد واستمرت يومين وتسببت في الوفاة.

وكان محمد (12 سنة) قد تعرض لأزمة صحية حادة منذ يومين تم نقله على إثرها إلى مستشفى بالقاهرة، ثم استكمل علاجه في باريس التي توفي بها.

وقال بيان لاحق صادر عن رئاسة الجمهورية ان العزاء في الفقيد سيقتصر على تشييع الجنازة بعد صلاة العصر من مسجد ال رشدان بمدينة نصر بالقاهرة.



تعازينا القلبية للأسرة ألهمهم الله الصبر والسلوان وجعل مثوى الفقيد فى جنة الخلد

وإنا لله وإنا إليه راجعون

محمد الحسينى



-د.أحمد خالد توفيق-

شارع سعيد الهادئ في هذه الساعة من نهار رمضان، وأنا أحمل الحقيبة التي امتلأت بأرغفة الخبز الساخن، راضيًا عن نفسي؛ لأن الفرن كان خاليًا تقريبًا في هذا الوقت. كنت أنا المكلف بهذا الكابوس اليومي: شراء الخبز، ويكفي لأصف لك عذابي أن أقول إن طابور الخبز في ذلك الوقت كان يشبه الطوابير الحالية تمامًا
هناك كان واقفًا تحت شرفة في بناية بالشارع.

شاب يبدو أنه جامعي ومن طبقة متوسطة يلبس ثياب الميدان الكاملة التي لم أرها من قبل إلا في الصور. الخوذة والجربندية على ظهره، وكان يرفع رأسه إلى الشرفة بالطابق الثالث وينادي: صلاااااح
وصلاح لا يرد.. لا أعرف إلى أين كان الفتى ذاهبًا ولا لماذا كان هنا والحرب نشبت منذ خمسة أيام، لكن كل شيء يقول إنه ذاهب إلى وحدته مع صلاح صديقه الذي لا يرد. ذاهب للقتال طبعًا لا للتدريب
إن هي إلا بضع ثوانٍ حتى وقف فلاح وزوجته جوار الفتى، وراحا يناديان بأعلى صوتهما: صلااااااح
ثم ظهر ميكانيكي على دراجته وراح ينادي.. بعد دقيقة صار هناك عشرة ينادون صلاح.. وتطوع أحدهم بأن يقذف طوبًا على الشرفة، بينما تطوع آخر بأن يصعد ليدق الباب، والمظاهرة تحت شرفة صلاح تتزايد، والجندي الشاب ينظر حوله فيبدو عليه الضيق والحرج من هذه الفضيحة: صلااااح
بعد لحظة ظهر صلاح من الشرفة وهو بكامل ثيابه، هنا تعالى الهتاف والتصفيق.. والفلاح العجوز وثب ليعانق الفتى ويلثمه على خديه:

مع السلامة.. هات لنا رمل من سينا وانت جاي يا دفعة


وابتعدتُ حاملاً الخبز وأنا أفكر في مغزى هذا المشهد الذي ظل محفورًا في ذاكرتي خمسة وثلاثين عامًا.

هؤلاء قوم يريدون عمل أي شيء لرد الجميل..

أي شيء من أجل هذا الذاهب إلى الجبهة ليتلقى الرصاص ولربما يموت كي يظلوا هم أحياء أحرارًا.. أبسط شيء استطاعوا عمله هو مناداة صلاح، ولو طلب منهم الجندي الشاب أن يلثموا قدميه أو يحملوه إلى الجبهة حملاً لفعلوا بلا تردد
كان مأمور قسم أول في طنطا صديق أبي، وقد زرته مع أبي يومًا فقال لنا وهو يشير إلى التخشيبة الخالية: تصوروا أننا لا نجد لصوصًا نقبض عليهم منذ نشبت الحرب؟..

حتى اللصوص اختشوا على دمهم
*******
هذه هي ذكرياتي عن حرب أكتوبر عام 1973.. أما كيف بدأ كل شيء فلذلك قصة.. هل تسمعها؟.. إذن تعالَ وأعدّ لنا كوبين من الشاي الثقيل كي يحلو الكلام
هذا أنا الصبي الذي دخل السنة الأولى الإعدادية، ولا يهتم بالسياسة على الإطلاق.. فقط يعرف أن إسرائيل دولة شريرة تقتل أطفال المدارس بحر البقر وتذبح الفلسطينيين وأسقطت طائرة ماما سلوى حجازي مذيعة الأطفال التي كنت أعشقها
يوم السبت 6 أكتوبر هو ثاني يوم سبت لي منذ بداية العام الدراسي.. رمضان بدأ منذ عشرة أيام، وفي ذلك الوقت كان أكتوبر يعني جوًّا معتدلاً لهذا لم يكن الصيام صعبًا علي.. أعود لداري بعد الواجبات الضرورية من ركل عصام وخطف حقيبة مصطفى ولكم عادل
هناك شيء غريب.. كل الناس يلتفون حول أجهزة الراديو. الكل قلِق.. ماذا حدث؟.. لم أر هذا المشهد إلا وأنا في الصف الثالث الابتدائي يوم وفاة جمال عبد الناصر.. لكن لا أحد يبكي
في البيت تخبرني أمي أن الحرب نشبت. جيشنا عبر قناة السويس. أختي طالبة الطب عادت للبيت بسرعة وأخبرتهم أنها ستكون في المستشفى لساعة متأخرة؛ لأن المستشفيات كلها معدة لاستقبال الجرحى.. الراديو لا يهمد لحظة: بيان رقم اثنين من القيادة العليا للقوات المسلحة... بيان رقم ثلاثة
تحول أمي المؤشر إلى إذاعة لندن التي كانوا يوشوشون عليها بصفارة كئيبة عالية، فلا نفهم شيئًا. تحول المؤشر إلى إسرائيل فنسمع مذيعًا أخنف يقول في حسرة مصطنعة: إن السادات ارتكب خطأ عمره باستفزاز أقوى جيش في المنطقة.. مسكين أنت أيها الجيش المصري.. مسكين أنت أيها الشعب المصري.. تتقلص أمعائي رعبًا.. أبي يشخط في أمي ويطالبها بتغيير المحطة
كان معه حق؛ لأنني عرفت بعد هذا أن إسرائيل كلها كانت في ألعن لحظاتها، ولم يصدق أحد قادتها ما يحدث في هذه اللحظات بالذات.. موشى ديان بكى أمام الصحفيين العالميين، وجولدا مائير طلبت تركيب الرءوس النووية على الصواريخ، وهو سيناريو النهاية ميكرع هاكول لدى إسرائيل
*******
عندما جاء المساء عرفت خبرًا سرني بطبيعة الحال هو أن المدرسة مغلقة لأجل غير مسمى لقد عادت إجازة الصيف، وخبرًا ساءني هو أن فوازير ثلاثي أضواء المسرح وكل الطقوس التلفزيونية إياها قد تم وقفها.. من المستحيل أن يموت أبناؤنا هناك فوق الرمال ونحن نسمع الفوازير طبعًا
في الليل أصحو في ساعة متأخرة لأسمع البناية كلها تترجرج.. رائحة البارود في هواء الليل، ويخبرني أبي أنها بطاريات الدفاع الجوي في مطار محلة مرحوم تطلق القذائف على غارة
أمي تتساءل عن كل هؤلاء الذين يحاربون الآن في الرمال والظلام ولم يظفروا –يا كبدي- بساعة راحة منذ ظهر السبت.. فجأة صارت أمي أمَّ هؤلاء جميعًا
في اليومين التاليين تتضح الأمور أكثر، ونعرف أننا حققنا معجزة فعلاً، وأن البيانات التي نسمعها تختلف كثيرًا عن بيانات 1967 المضروبة. الأخبار السارة تتوالى.. تقدُّم.. تقدُّم.. السوريون يجتاحون الجولان وقواتنا تسحق لواءاُ مدرعًا بالكامل وتأسر قائده.. لم أنس الاسم بعد كل هذه السنوات: عساف ياجوري، وهو شيء خمول بدين يدخّن بإفراط وله لـُغْد
شارع البحر كله ينظر للسماء وقد خيل لنا كأن المعركة تدور فوق سنترال المدينة.. في الحقيقة كانت بعيدة جدًا.. هناك طائرات إسرائيلية تحلق، بينما تطاردها طائراتنا.. تعلمنا شكل الميج والفانتوم من على هذه المسافة. طائرة إسرائيلية تهوي.. ثم تبتعد طائراتنا ليظهر خيط من الدخان من مكان ما.. إنه الاختراع السوفييتي الرهيب سام -7 . نرى الطائرة الإسرائيلية تعلو وتهبط بينما خيط الدخان يقتفي أثرها في إصرار وعناد، وفي النهاية يلتقي خيطا الدخان ليصيرا خيطًا واحدًا يهوي بعيدًا.. بعيدًا.. باي باي يا حاييم أو يا ليفي أو يا أموتاي.. فلتكن ميتتك أبطأ وأبشع من ميتة سلوى حجازي
*******
في هذه الفترة جعلت بطاريات الصواريخ المصرية سماءنا منطقة موت للطائرات الإسرائيلية، وأصدر قائد الطيران الإسرائيلي أمرًا بمنع التحليق أكثر من عشرة كيلومترات شرق القناة. وكانت الصحف تظهر مليئة بصور الأسرى الإسرائيليين الذين وصفهم أحمد رجب بـ الذئاب الجربانة التي تحتاج لمحضر اشتباه وتحري، كما أذكر صورة رهيبة بعض الشيء لجثة متفحمة لطيار إسرائيلي مقيد بالسلاسل.. قال الخبر: إن الإسرائيليين يقيدون طياريهم في الطائرات كي لا يبادروا بالقفز منها بمجرد رؤية الصاروخ سام -7
قائد الطيران الإسرائيلي..أعتقد أنه موردخاي هود.. يجري اتصالاً مدته ثوانٍ مع قاعدته.. يلتقط سلاح إشارتنا المكالمة، وهنا تنطلق طائرة قاذفة مصرية بسرعة البرق نحو مصدر المكالمة في سيناء وتطلق صاروخًا ينسف الرجل وسيارته وتعود..! جرى إيه يا جدعان؟.. هل نحن نتكلم عن مصر أم بريطانيا العظمى؟. وفي كتابه المهم عن الحرب يقول عبد الستار طويلة: كانت هذه أول حرب تعرفها مصر يقول فيها الضابط لجنوده اتبعوني بدلاً من تقدموا
نسمع اسم عبد العاطي صائد الدبابات الذي نسف 25 دبابة وحده.. عندما
رأينا الدبابة عن كثب في معرض الغنائم، بدت لنا مخيفة رهيبة أكثر بمراحل من الصور، وقد تساءلنا عن نوعية الأعصاب ومدى الشجاعة التي يجب أن يمتلكها المرء كي يواجه هذا الديناصور وهو على قدميه.. هؤلاء لم يكونوا رجالاً.. كانوا أساطير حية
*******
في كل مكان كنا ثملين بما تحقق، وندعو الله أن يحفظه لنا
صحيح أن الحماسة أعمتنا ولم ندرك أن مسار الحرب يتغير، وأنه عندما وقف السادات ليحيّي الجماهير في أول خطاب له بعد نشوب الحرب، وعندما التهبت أكفُّنا بالتصفيق وكانت الشوارع خالية تمامًا، كانت الدبابات الإسرائيلية قد دخلت السويس ضمن عملية الغزالة التي خطط لها شارون، ولم نعرف الكثير عن حصار الجيش الثالث. قد تصدق الإسرائيليين الذين يعتبرون أنهم أحالوا نصرنا هزيمة، وقد تصدق كيسنجر الذي قال لـجولدا مائير: أنت انتصرت عسكريًا وخسرت استراتيجيًا؛ لأن أسطورة الجيش الذي لا يُقهَر انتهت للأبد، وقد تصدق الخبير الاستراتيجي العالمي أندريه بوفر الذي زار المنطقة وقال: إن الثغرة عملية تلفزيونية لا قيمة لها من أي نوع
فقط كانت الشعلة متوقدة، وكنا نستطيع وقتها أن نحارب العالم كله. الحرب عمل كريه مقيت لكنه شر لا بد منه كي يجدد دماء الأمم ويقوي عزيمتها ويوحدها، وكما قال هيكل: لا يوجد طرف في العالم أعلن أن السلام خيار استراتيجي؛ لأنه عندما يستخزي طرف فإنه يدعو الطرف الآخر تلقائيًا لأن يستقوي
*******
هذا هو بعض ما أذكره عن تلك الحرب، وقد تعمدت أن أحكي ذكرياتي كطفل في الصف الأول الإعدادي؛ لأنني قرأت الكثير جدًا عن تلك الحرب بعد ذلك مما يبتعد بالمقال عن هدفه. يكفي أنني أعددت عنها سيناريو قصص مصورة دقيقا جدًا يعتمد على عشرة كتب، وقد أردت به ألا تُنسى هذه الحرب أو أن يتساءل ابني كما فعل يومًا: هل كانت فعلاً حربًا عظيمة أم أن هذا ما يجب أن أحفظه وأكتبه في ورقة الإجابة؟. هذا السيناريو قدمته لعدة فنانين، لكن مشاغل الحياة منعتهم من البدء، وفي النهاية ضاع


أتذكر هذه الحرب اليوم وأتساءل عما فعلناه لكل هؤلاء العظام؟.. أين هم؟..

أين ذهب الفتى وصلاح صديقه؟.. ومن الذي جنى ما زرعوه؟..

هل كانوا يموتون فوق الرمال كي يتاح لمليارديرات اليوم أن يصطافوا في شرم

–لم تعد شرم الشيخ على فكرة-

وأن يذهب الشباب هناك للظفر بليلة مع سائحة إسرائيلية أو روسية؟

هل خطر لـعبد العاطي وهو يصوب صاروخه الساجر نحو تلك الدبابة أنه سيدوخ بعد الحرب بحثًا عن شقة؟.. وأنه سيموت فلا تهتز الدنيا؟..

وأن الإسرائيليين سيتوغلون في كل شيء حتى السد العالي نفسه؟..

وأن العبارة ستغرق

والدويقة ستنهار

والمسرح سيحترق

وكيلو اللحم سيتجاوز الأربعين جنيهًا؟..

لحسن الحظ أنه لم يفكر وقتها في ذلك كله..

فقط أحكم التصويب وضغط الزناد
*******



;;