إبحث فى المدونة والروابط التابعة
بعلزبول .. ملك العالم السفلى

نتن ياهووووووووووووووووووووووووو
خيوط الحكاية الحزينة نسجها العدوان الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة منذ 19 يوما، مسفرا حتى ظهر اليوم الأربعاء عن نحو ألف شهيد و4600 جريح نصفهم من النساء والأطفال. عائلة عواجة الكائن بيتها في بلدة العطاطرة شمال القطاع كانت في كل صباح تستيقظ على شمس دافئة تغريهم بالنهوض باكرا، غير أن هذه الشمس وعصافيرها توارت واختفت مع بدء الحرب المجنونة، وانزوت الأسرة في أقصى ركن تبحث عن أمن مفقود. إبراهيم صاحب الأعوام التسعة –وبعد أسبوع من المكوث بالمنزل- اقترب من أمه وهمس بشوق "تعالي نخرج لحديقة المنزل ونتناول الإفطار هناك.. لقد تعبنا من هذه الغرفة".. بعد ساعة من الزمن كانت أكواب الشاي الساخن ومائدة طعام شهية تتحدى خوفا سكن أما وزوجها وثلاثة من أبنائها. "أبي إني أموووووت.." ظنت الأسرة أنها في مأمن وسلام، ولم تكن تدري أن عيون الحرب تحاصرها وتتربص بضحكاتها؛ قذيفة أولى تنطلق.. تقطعها أخرى.. الجدران تتصدع وتنهار.. الشظايا تطير.. وصيحات الرعب تتعالى.. ينسكب الشاي وتتحطم الأكواب وينغمس الخبز في الدماء. إبراهيم ابن التاسعة يصرخ بأعلى درجات ألمه "أبي إني أموووووت.."، يهرع والده لحمله بين أحضانه.. يضمه ويتحسس نزيفا يسيل من بطنه.. ينادي بخوف على زوجته "هيا لمغادرة المكان".. تهرول الأسرة إلى الخارج، وما إن تصل باب الحديقة حتى يزداد وابل الرصاصات. رصاصة تشل حركة الأم وتصيبها في قدمها فتعجز عن السير أو حتى الالتفات، وتتمكن أخرى من خاصرة الأب فتطرحه أرضا، ويسقط إبراهيم إلى جواره لتباغته رصاصة دامية تسكت آخر أنفاسه. ويحتمي الطفلان المتبقيان خلف كومة من ركام المنزل يبكون بصمت طويل.. يهدأ ضجيج الموت قليلا.. فتظن الأسرة أن مأساتها انتهت، وهي لا تعي أنها للتو بدأت، جنود قادمون بخطوات قاسية.. يراهم الأب فيتظاهر بالغيبوبة والانتقال إلى عالم آخر. يقترب أحدهم من جسد إبراهيم المسجى ويقلبه بقدمه يمينا ويسارا.. ترتفع ضحكات الجنود ويصوب أحدهم من بعيد رصاصة إلى رأس إبراهيم الساكن.. تتبعها قهقهة تنزل سكينا حادا في قلب والده.. يسحبون الصغير إلى مكان مرتفع.. يرمونه برصاصات المباهاة ويتسابقون في القنص على الطفل الشهيد. دقيقة.. فعشرة.. فساعة.. وصدر إبراهيم ورأسه لوحة متحركة لقنصهم.. يضحكون طويلا.. يلهون.. ويتسابقون.. ثم بعدها ينسحبون. برد الليل الطويل ولسعاته القارسة تتكفل بإيقاف مؤقت لنزيف الأب الذي راح يزحف نحو زوجته ليمسك يدها ويحثها على الثبات والصمود.. تبكي فيبكي وتتعانق دموعهما على الحزن الكبير. جراح الروح الغائرة أربع ليال ببردها وبطء عقاربها مرت على عائلة عواجة.. طفل شهيد اخترقته عشرات الرصاصات.. أب ينزف وأم لا تتحرك.. "كيف تم إسعافهم؟".. الكيفية الدامعة هذه يسردها كمال عواجة والد الشهيد إبراهيم لـ"إسلام أون لاين.نت" بصوت لا صوت له "قتلوا طفلي بدم بارد.. أعدموه مرة وثلاثا وعشرا.. تفاخروا أيهم يستطيع التصويب على جسد صغيري من مسافة أبعد". يغمض الأب المفجوع عينيه ليخرج من صورة تفاصيلها تدمي قلبه، يستدرك بوجع: "تظاهرت بالموت وهم يقتربون من إبراهيم.. ظننتهم سيجهزون عليّ.. لكن ما لم أتخيله يوما أنني سأشاهد ابني وهو يتحول إلى لوحة لمرمى نيرانهم.. مع كل رصاصة كانوا يتمتمون بكلمات لم أفهمها.. حروفها فقط كانت توحي بنشوتهم وسخريتهم.. وكأنهم في معركة انتهت بانتصارهم". يصمت تاركا العنان لدموع تنهمر كما المطر، يتساءل بعدها بأسى: "ما الذي فعله طفلي ليقتلوه بهذه الوحشية والإجرام؟!.. لم يرحموا براءته ولا جسده الغض.. تنافسوا فيما بينهم لقنصه والإمعان في إعدامه". جرح جسد الوالد المكلوم بدأ يلتئم بيد أن جرح روحه الغائر سيبقى مفتوحا على آخره.. "البرد الشديد أسكت تدفق دمي، واندمل الوجع في خاصرتي، لكن وجع قلبي لن يشفى ما بقيت حيا". ويلفت كمال إلى أن أسرته بقيت أربعة أيام في العراء دونما دواء ولا شراب ولا طعام.. "في صباح اليوم الخامس، سمعنا صوت عربة كارو تجرها امرأة عجوز مقتربة من أنقاض منزلنا.. ولداي وزوجتي وأنا أخذنا نصرخ مستغيثين بأعلى صوت إلى أن سمعت العجوز نداءنا.. وعلى الفور ذهبت لنجدتنا وجلبت الإغاثة، وبعد ساعة كانت سيارة الإسعاف تنقلنا جميعا إلى مستشفى دار الشفاء". "إنهم يحرقون الطفولة" الأم التي ربط أحد أبنائها قدمها بمزقة من قميصه ليضمد جراحها ترقد الآن على سرير المرض لتتلقى العلاج، وذاكرتها عاجزة عن تخزين هذا الكم من المشاهد الحزينة، وتتساءل بحرقة "ما الذي تريده هذه الحرب البشعة لكي تستمر أكثر من هذا؟!". سؤالها المرتجف سيبقى معلقا دونما إجابة تشفي صدرها المكتوي، ووحدها ستظل نداءات حقوقية تصدر من هنا وهناك تشبه سؤالها الذي يندد بجرائم محتل يحصد أخضر الأرض ويابسها، وتصفها بـ"حرب الإبادة". شهادات تؤكد فإذا كانت هذه الرواية من طرف واحد ومن السهل القول إنه لا توجد مصادر مستقلة تؤكدها أو تنفيها، فإن هناك العديد من الشهادات الحقوقية التي تتحدث عن "همجية" الاحتلال في استهداف الأطفال تؤكد مثل هذه الممارسات ومثيلاتها. أحدث تلك الشهادات أطلقها المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان الذي أكد في بيان صدر مؤخرا ووصلت لـ"إسلام أون لاين.نت" نسخة منه أن "إسرائيل تستهدف في حربها اغتيال الطفولة وإبادتها.. فإن أغلب ضحايا الحرب على غزة هم من الأطفال دون الـ15 عاما". وبحروف صاغها البيان بحزن بالغ أضاف: "لا يتم فقط استهداف الأطفال وقتلهم، بل يمعن الاحتلال في التمثيل بهم وتشويه أجسادهم، وبتر أطرافهم وحرق براءتهم.. تصلنا شهادات وإفادات خيالية لا يصدقها العقل". وأشار البيان إلى أن "المركز وبقية المؤسسات الحقوقية الفلسطينية تعكف على توثيق كافة مجازر الاحتلال لتقديمها للمحاكم والمحافل الدولية لإدانة الاحتلال وقادته على ما ارتكبوه من جرائم لوثت تفاصيل الحياة الجميلة.. وحرقت الطفولة". http://www.islamonline.net/servlet/Satellite?c=ArticleA_C&cid=1231926492833&pagename=Zone-Arabic-News/NWALayout | ||
التسميات: هولوكوست غزة
|
وبينما كانت شهد تلعب في فناء منزلها الكائن بمخيم جباليا شمال القطاع، باغتتها إحدى قذائف الموت الإسرائيلية، وأسقطتها في بحر من الدماء.. هرع أهلها لنجدتها وإسعافها.. لكن رصاصات الاحتلال كانت تبعدهم كلما اقتربوا.. حتى فارقت شهد الحياة.. وتحت القصف الشديد اضطر أهلها إلى مغادرة المنزل تاركين في فنائه قلوبهم النازفة على الجثمان المسجى.
وبعد خمسة أيام ببطء ساعاتها ودقائقها، وبأفظع ما يتخيله بشر ويتصوره عقل، خرجت أحشاء الطفلة شهد وتمزقت أطرافها، وتفتت لحمها وتناثر، بعد أن هاجم جسدها الصغير كلاب ضالة كي تكمل مهمة الاحتلال وجريمته.
مطر (17 عاما) شقيق شهد ومحمد طيلة ابن عمها ظلا على مدار خمسة أيام يحاولون الاقتراب من شهدهما لإكرامها بالدفن، ولكن رصاصات الاحتلال الغادرة كانت تحول بينهما وبينها، ولكنها عجزت عن إثنائهما.. فكان القرار بألا يصلا إلى جثمان شهد إلا وقد انضما إليها في ركب الشهادة.. وانهالت الرصاصات الإسرائيلية من كل حد وصوب على الفتيين لتلحقهما بشهدهما.
وبينما يحمل الأطباء جسد مطر ومحمد، فجأة تنطلق صيحات تهز أرجاء المكان، تخرج بكل الغضب والقشعريرة على لسان طبيب الإسعاف كايد أبو عوكل: "يا الله ما هذه البشاعة؟!".
وبصوت حزين يقطر المرارة قال كايد لـ"إسلام أون لاين.نت": "طيلة أيام الحرب ونحن نقابل مشاهد مؤلمة.. انتشلنا أطفالا مزقت أجسادهم، ومنهم من احترق بالكامل.. لكني لم أر منظرا بهذه البشاعة.. فالمشهد كان صادما.. الكلاب لم تبق على جسد الصغيرة.. هجمت بفظاعة على كل جزء فيه".
ذاكرة كايد المثقلة بأنين الصورة تعيد تكرارها فيصمت للحظات طويلة وعيونه تذرف دموعا تحجرت معها كل الكلمات.. فالطبيب الغزاوي الذي ألف مشاهد الأشلاء لن ينسى بشاعة ما حدث لشهد.. كما لن ينساه الشاب عمران زايدة الذي كان شاهدا على مرارة الحدث.
كلاب الاحتلال
عمران قال لـ"إسلام أون لاين.نت" وصوته يتقطع ألما: "الاحتلال تعمد ترك شهد وحيدة في فناء منزلها، شرد أهلها ومنعهم من انتشال جثتها لدفنها، هم يعلمون أن الكلاب ستنهشها (...) إنهم لا يقتلون الطفولة فحسب، بل يتعمدون اغتيالها بأبشع الطرق".
وتابع: "ما من كاميرا أو قلم يمكنه تصوير هذه الجريمة.. فلكم أن تتخيلوا ماذا تفعل الكلاب الضالة في جسد ضعيف بريء، فقد شوهته وأبادت ملامحه.. عيونها خرجت وشعرها انسل"، وبصوت جريح يقول "يااااه يا شهد.. ما أقسى ما جرى لك!".
وبنحيب حارق استقبلت عائلتها النازحة من شبح الموت في الشمال إلى إحدى مدارس الأونروا غرب مدينة غزة النبأ، فقال والدها محاولا التجلد: "ماذا يضير الشاة سلخها بعد ذبحها؟!".
لكن الحدث كان أكبر من محاولاته، فلم يملك سوى أن يصرخ بانهيار، ليبقى مذاك طريح الفراش.. أما الأم فبكت صغيرتها بنشيج مكتوم من قلب تمزق أشلاء على الحبيبة الراحلة، وبدت عليها آثار الذهول الذي أخذ بلبها لعالم آخر.
جريمة متواصلة
ما يخلفه العدوان الإسرائيلي المتواصل منذ 18 يوما على قطاع غزة، مسفرا عن ارتقاء 920 شهيدا و4263 جريحا، بدأت تتكشف تفاصيله المرعبة ساعة بعد أخرى، حيث أكد شهود عيان لـ"إسلام أون لاين.نت" أن ما جرى لشهد لم يكن الحادثة الأولى ولا الأخيرة.
وأفادوا أن "الكلاب الضالة ليست من تلتهم جسد الشهداء فقط، بل إن الاحتلال يقوم باستخدام كلاب مدربة يتم إطلاقها على الأبرياء الآمنين، وتنكل بهم بكل وحشية".
ففي جباليا شمال القطاع، ولما همت عائلة عبد ربه بدفن ثلاثة من شهدائها، انهمرت عليهم رصاصات الموت، فاضطروا إلى ترك الجثث قليلا، وفجأة أطلقت القوات الإسرائيلية المتمركزة هناك كلابها التى أخذت تنهش في جسد الشهداء وتهشم عظامهم ولحمهم.
سعد عبد ربه (عم الشهداء) قال لـ"إسلام أون لاين.نت": "ما جرى بشع للغاية ولا يصدق.. شهداؤنا يموتون أمام أعيننا.. ونحرم من دفنهم.. ويطلق الاحتلال كلابه المسعورة لإكمال جرائمه".
أما في حي الزيتون شرق غزة، فقد أكدت العديد من العائلات أن قوات الاحتلال تطلق كلابها لترويع الأطفال والنساء ولتنال من جثامين الشهداء وتشوهها.
بلا أخلاق
وفي نفس السياق جاء بيان مؤسسة الضمير لحقوق الإنسان (حقوقية فلسطينية) بعنوان "حرب إسرائيل بلا أخلاق والاحتلال يضرب بكل المواثيق عرض الحائط".
وقال البيان، الذي وصلت "إسلام أون لاين.نت" نسخة منه: إن "نداءات وشهادات لا يستوعبها الخيال تصل المؤسسة في كل ساعة"، مشيرة إلى أنها تعمل حاليا على تجميع وتوثيق كافة الشهادات والمعلومات لتقديمها إلى محكمة العدل الدولية لمحاكمة قادة إسرائيل لما ارتكبوه من جرائم بحق الإنسانية.
وشددت المؤسسة في بيانها على أن "ما تخبئه البيوت وأزقة الشوارع من قصص مروعة وكارثية ومشاهد دامية سيتكشف أكثر بعد أن تنتهي الحرب الدائرة رحاها بعنف".
التسميات: هولوكوست غزة