إبحث فى المدونة والروابط التابعة

بعلزبول .. ملك العالم السفلى

بعلزبول .. ملك العالم السفلى
نتن ياهووووووووووووووووووووووووو
‏إظهار الرسائل ذات التسميات نحن وأمريكا. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات نحن وأمريكا. إظهار كافة الرسائل

الكابوس الأمريكى

كلما رأيت تداعي الأحوال في مصر، وذلك الشرخ الذي يتسع ويتسع في الجدار منذرًا بالويل، فكرت في أنانيتي الخاصة عندما لم أفكر في الهجرة للولايات المتحدة من أجل أولادي .. لقد عانى (كونتا كينتي) جد (أليكس هيلي) الكثير عندما تم اختطافه من سواحل غانا وحُمل في قاع سفينة إلى العالم الجديد، لكننا – لو فكرنا تفكيرًا جانبيًا – لوجدنا أنه كان يكافح كي ينعم أحفاده اليوم باستعمال الألفاظ البذيئة وشرب الكولا ورقص الراب في بروكلين .. يكفي أن أحد أحفاده صار هو الكاتب العظيم (أليكس هيلي) ..

لي صديق فعلها في هذه السن المتأخرة نسبيًا .. السن التي لا تسمح لك بأن تغسل الصحون أو تقف في محطة وقود، بينما تقضي الليل منكبًا على دراسة الطب .. لكني في النهاية أجد أنني بالفعل لا أحب نمط الحياة الأمريكي ولا أطيقه .. حياة رُسمت سلفًا بكل مراحلها وسوف تتحرك فيها كأنك قطار يتحرك على خط حديدي .. صحيح أنك في مصر قطار آخر يتحرك بجرار تالف على خط حديدي متآكل، لكن الحياة هنا في مصر ذات طعم ولون ورائحة ..الكثير منها في الواقع ..

لو أنني ولدت في نيويورك وكنت ذكرًا بروتسنتيًا أبيض WASP فإن حياتي مرسومة عبر محطات معروفة صرت أحفظها من قراءة المجلات الأمريكية ومشاهدة أفلامهم ..

عالم المراهقة: هذا هو عالم المدرسة الثانوية وقلة الأدب والتطاول على المعلمين لأن التعليم ممل Boring.. مشكلتي هي البلطجي (هانك) الذي يتربص بي لأنني نحيل وبنظارة وهناك نمش على وجهي، وهو يتعمد إهانتي وسكب اللبن على رأسي ساعة الطعام، ولا احد يتعاطف معي في مجتمع لا يرحم المهزومين سواء كانوا هنودًا حمرًا أو عربًا أو زملاءك في الصف. ثم يأتي موعد الحفل الراقص السنوي وانتخاب الـ Broom queen أو ملكة الحفل .. كيف أقنع فتاة بأن تصحبني للحفل ؟.. كيف يرضى أبي بالتخلي عن السيارة ؟.. في حفل كهذا سوف تفقد حسناء الصف (كارول آن) عذريتها، وهي ليست مشكلة لأن أباها كان سيصحبها للطبيب النفسي لو تأخر الأمر أكثر من هذا، ولربما ظهرت في إحدى حلقات (أوبرا) لمناقشة مشكلتها ...

البيزبول لعبة مملة يستحيل فهمها .. ملعب يشبه الماسة وشخص يضرب الكرة بمضرب يستعملونه لقتل الزوجات كذلك، وهناك ثور يلبس درعًا على صدره يتلقفها بقفاز .. ثم يصرخ الكل : "اركضوا يا فتيان !" ونحرز نقطًا لا ادري على أي شيء، لكن البيزبول هو الطريقة الوحيدة لقبولك في مجتمع كهذا، وكي تحبك الكتاكيت Chicks .. هناك كرة القدم الأمريكية العجيبة التي تلبس فيها الدروع وتضرب عددًا من الثيران، ولا تلمس قدمك الكرة مرة واحدة .. بينما المدرب (رالف) يصرخ في وحشية: سوف نسحقهم يا شباب !

كلها ألعاب معقدة تختلف عما يلعبه العالم كله، وكلها تحتاج إلى إمكانيات وثراء .

الكلية: تقريبًا نفس روتين المدرسة الثانوية.. أضف لهذا الحفلات الصاخبة التي يشرب فيها الجميع البيرة Booze وتتعرى الفتيات .. هذه هي الفترة التي سأجرب فيها المخدرات لأول مرة .. سأكون محظوظًا لو شاركت في احتفالات (ماردي جرا) التي تذكرك بأعياد (باخوس) الرومانية الماجنة..

بعد التخرج: أنا أعمل في شركة تنفيذية ما تمارس المنافسة قاطعة الرقاب مع شركات أخرى .. القميص قصير الكمين وربطة العنق والعروض على جهاز الكمبيوتر .. مغازلة زميلة العمل عند براد الماء .. العمل من التاسعة للخامسة والخوف المزمن من الطرد والجوع .. لو طردت سأقوم بتعبئة لوازمي في علبة كبيرة من الورق المقوى وأخرج من الباب يرافقني رجل الأمن ...ولسوف أصير سكيرًا...

الأسرة: حفل الزفاف والسيارة التي ربطوا بها علب طعام محفوظة فارغة تحدث قعقعة .. مشكلة زوجتي هي تقليل السعرات في الطعام بسبب الشحوم حول الخصر .. يجب أن أقلل من ولعي بشطائر الهامبرجر والجبن .. ابنتي (سو ألين) صارت الآن مراهقة وقحة تصر على أن ترافق الفتية للمرقص وتقول لي: "داد .. أنت ابن عاهرة وسافل وحقير .. أنا أكرهك".. تقولها وهي تهز شعرها الطويل ليغطي نصف وجهها ثم تندفع خارجة من الغرفة كنمر هائج …

فأبتلع الإهانة .. لو صفعتها لشكتني للشرطة وقُبض علي .. لابد من الصبر حتى أحل مشكلة تعاطيها المخدرات ومشكلة الحمل في سن الخامسة عشرة .. أذهب أنا وزوجتي لحفلات الكوكتيل حيث أقف أمام الناس لأحكي لهم عن (أظرف شيء حدث لي في طريقي لهذا الحفل).. و (أفضل مطعم يمكن أن تتناول فيه شطائر التونة بالبطاطا المقلية).. ثم نعود للبيت لتطالبني زوجتي بالطلاق بلا سبب وتبدأ في حساب ما يناله كل منا من ممتلكاتي ..

ربما تنجب زوجتي – لو لم تطلقني - طفلاً مشوهًا له أربعة أنوف وثلاث آذان وذيل .. هنا أقرأ في الصحف عن معهد في أوهايو متخصص في الأطفال الذين لهم أربعة أنوف وثلاث آذان وذيل .. أذهب هناك لأقابل د. (سميث باركر) خبير الأطفال ذوي الأربعة أنوف والثلاث آذان والذيل الذي يقول لي: "أهم شيء أن نجعل طفلك لا يشعر بالاختلاف عن الآخرين"

هكذا يصير طفلي رسامًا وأستاذًا جامعيًا وبطلاً في كرة القدم ، ويظهر في حلقة من حلقات (أوبرا) حيث يبكي الجميع مع كثير من (الواو والأوه وماي جاش) ...

السياسة: سواء كنت ديمقراطيًا أو جمهوريًا فأنا مؤمن أن الفلسطينيين إرهابيون يحاولون أن يأخذوا من اليهود الطيبين أرضهم .. أؤمن بالقيم الأمريكية وطريقة حياتنا .. أؤمن بالديموكراسي وماي فيلو أمريكانز .. أدعو لهم بالنصر في العراق الذي لا أعرف أين هو ولا مشكلته بالضبط .. ولا يعنيني شيء من هذا .. أحترم بشدة – أو أتظاهر باحترام - اليهود والزنوج والشواذ جنسيًا حتى لو كنت أنتمي للحزب الجمهوري ..كنت أمقت الشيوعية واليوم أمقت الإسلام .. هؤلاء القوم الذين يعبدون القمر ويذبحون الأطفال قرابين من أجل إلههم الذي يسمونه (الله) .. ويرقصون عراة في موسم الحصاد ..

الحادث: ثم أسقط من على الجبل وأنا أمارس التزلج فيتهشم ظهري وأصاب بالشلل، لكني أصر على المقاومة .. وأروح أضرب كرة البيزبول في الحائط طيلة اليوم على سبيل التدريب .. هكذا أستعيد صحتي، وأكتب قصتي في كتاب اسمه (كيف قهرت الشلل) وهو الكتاب الذي يشتريه التلفزيون فورًا، من ثم أتمكن من شراء ذلك البيت الجميل الذي كنت احلم بشرائه في (بالتيمور)..

النهاية: هذه هي سن سرطان القولون.. مشكلة التقدم في الرعاية الصحية هي أنك لا تموت بالتيفود ولا نوبة قلبية في سن الخمسين كما كان يحدث، بل تنتظر حتى سن الثمانين حين تقرر خلاياك أن تصاب بالجنون.. سأموت في المستشفى ويحرقون جثتي .. ثم يقف أولادي متظاهرين بالتأثر فوق قبري ويطوق أحدهم كتف أمه مواسيًا ويقول آخر: "وداعًا داد .. كنت عظيمًا ... "

أموت مطمئنًا لأن أولادي باقون من بعدي وسيمشون في نفس الدرب، ويحافظون على القيم الأمريكية .. قيم (علم النجوم اللامعة)...

هذه هي حياتي لو نشأت في أمريكا أو هاجرت إليها .. وإنني لأسألك بكل صدق : متى عشت ؟.. متى اختلفت ؟... هل هذه هي الحياة التي من أجلها أغسل الأطباق، ,و أدرس الطب ليلاً، وأبحث عن فتاة أمريكية (مضروبة) تقبل الزواج مني وتمنحني الجنسية؟.. بصراحة عندما أقارن بين حياة (ماي فلو أمريكانز) هذه وحياتنا الحالية بما فيها من فوضى وعشوائية وفقر ومرض و(شعبان عبد الرحيم) فإن شعبان يكسب بالتأكيد ..!


** د/أحمد خالد توفيق **

أسمرنا أجمل من أسمرهم!

كتب : إبراهيم عيسى - جريدة الدستور


تحكمت فينا ثقافة وعاطفة ربات البيوت واستقبلنا الخطاب علي طريقة «والله دا راجل طيب، ده أنا حبيته، شفتيه وهو بيقرا قرآن كان عسل»!!طالما الحكاية كده والنخبة المصرية تعاملت بثقافة ربات البيوت مع باراك أوباما حيث انبهروا به حين نطق باللغة العربية جملة: «السلام عليكم» وطالما مجموعة البكوات الذين جلسوا أمام خطاب أوباما وهتف أحدهم له: (I love you obama) (أنا أحبك يا أوباما) وكأنه النسخة السوداء من بطل مسلسل «الجريء والجميلات» وهناك عدد لا بأس به من محللي البرامج التليفزيونية الذين يذيعون ضحالتهم بمنتهي الفخر اعتبروا أن أوباما فعل ما لم يفعله الأوائل وأنه أثبت احترامه للدين الإسلامي، وقد أشاد أحدهم بأن أوباما خلع حذاءه «نعليه» في مسجد السلطان حسن وكأنها «مكرمة» من أوباما وكأننا كنا سنسمح له مثلاً بألا يخلع حذاءه في الجامع؛ لكن هذه الإشادة بخلع الحذاء جزء طبيعي من غياب العقل الذي كان حاضرًا في الرحلة كلها (!!) وكنت قد تلقيت رسائل وسمعت شيوخًا من الساسة العرب يقولون الرأي المشين والمهين نفسه وأن أوباما لو رشح نفسه في أي دولة عربية فسيحصل علي الأغلبية.

خلاص تاهت ولقيناها: لماذا لا ترسل لنا إسرائيل رئيس وزرائها ليقف ويخطب في قاعة الجامعة أو أي قاعة ويضرب كلمتين عربي علي تلت أربع آيات قرآنية وعددًا من الأحاديث النبوية ويؤكد لنا أن إسرائيل لا تحارب الإسلام بل العكس هي تحبه وأول ما بتسمع القرآن في إذاعة رام الله تقوم تدمع فورًا، وأن إسرائيل تضم أكثر من مليون مسلم يؤدون الشعائر في أراضيها بمنتهي الحرية ولديها ألف مسجد، وأنها تمد يدها لتفتح صفحة جديدة، ساعتها يهتز قلب الأمة الساذجة ويضطرب وجدانها تأثرًا ويقولون الغث ذاته الذي قالوه عن أوباما من نوعية هذا الرجل يحبنا ويحترمنا وقال إن الإسلام حلو. وللمفارقة المذهلة فإن هذه الأمة المدعية التي تعتقد أنها تدافع عن إسلامها وهي أكثر من يسيء إليه كانت في منتهي السماحة مع أوباما، والرجل المسلم بالولادة الذي عمد نفسه وتنصر وهو في مطلع شبابه بينما لا يطيق شيوخنا البواسل أي مختلف معهم في الرأي ويسارعون باتهامه بالردة مطالبين بإقامة الحد عليه. هذا هو الرجل الذي فرحت نخبة ربات البيوت بخطابه الذي كان خطابًا في الانتصار لإسرائيل وللدولة اليهودية واعترافًا بحق إسرائيل في الأرض المحتلة، الخطاب الذي دافع عن احتلال أفغانستان وقال إنها حرب كان لابد منها ووعد أوباما فيما يخص احتلاله العراق ورمي علينا فقاقيع عن الدولة الفلسطينية المزعومة لقد وجد فينا من باركه وهنأه وناصره وحياه وحباه ومدحه وتغزل فيه وتعاطف معه ورفعه لمنزلة العظام ووضعه علي قمة التاريخ، كل هذا مقابل خطاب متناقض ومرتبك ومليء بالنفاق دون أن يفعل شيئًا ولا أن يعد بشيء واضح واحد!

كيف يمكن أن تصبح أمتنا هكذا قشرية سطحية هشة مضحوكًا عليها ينصبون عليها بكلمتين؟! لقد بدا أوباما وكأنه يفعل ما فعله الرئيس أنور السادات حين قرر أن يذهب إلي آخر العالم من أجل السلام فذهب إلي تل أبيب وخطب في الكنيست مخاطبًا الشعب اليهودي.. والحقيقة أن خطاب الرئيس السادات كان رائعًا وبليغًا وقويًا بل مكتوبًا بصياغة غير منافقة كما كتبوا خطاب أوباما ولم يرقص خطاب السادات علي كل الحبال بل كان أوضح وأنصع وأفصح! كان أسمرنا أجمل من أسمرهم!

ماذا فعل الإسرائيليون أمام خطاب السادات التاريخي بحركته المذهلة؟ هل صفقوا ثم انهالت دموعهم وانهارت تنازلاتهم؟ أبدًا لم يفرق معهم الخطاب شيئًا بل استنزفوا السادات وأهلكوا طاقته ولم يتنازلوا عما لا يريدون التنازل عنه وكسبوا من الصلح المنفرد مع مصر ما لم يكن يحلمون به منذ قيام كيانهم الصهيوني. أما نحن فقد تحكمت فينا ثقافة وعاطفة ربات البيوت واستقبلنا الخطاب علي طريقة «والله دا راجل طيب، ده أنا حبيته، شفتيه وهو بيقرا قرآن كان عسل»!!

لكن اللافت للنظر هنا هو ذلك الاستقبال الحميم من الإخوة العلمانيين المصريين لخطاب أوباما رغم أن ما فعله أوباما من اللحظة الأولي هو خلط الدين بالسياسة واستخدام الدين بل التجارة به وهو موقف ومنهج يخدش العلمانية ويضربها في أعز ما تملك وهو فصل الدين عن الدولة. السؤال فعلاً: أليس فيما فعله باراك أوباما نفس الدمج أو المزج بين الدين والسياسة الذي احترفه جورج بوش واليمين الأمريكي؟ وبصرف النظر عن الاستخدام اللين والمهدئ عند أوباما والاستخدام الغليظ عند بوش فإن الاثنين تعاملا مع العالم الإسلامي دون ذرة من العلمانية!

عمومًا خطاب باراك أوباما لم يفلح في شيء قدر نجاحه في كشف الدونية والإحساس بالنقص عند أطياف من المصريين.. وكأنها ناقصة

كتب : ابراهيم عيسى - جريدة الدستور


مجتمع بشنباته وبرجالته وبمثقفيه وشبابه ونشطائه وإعلامييه ينضحك عليه فى ساعة بكلمتين علاقات عامة فهذه والله قمة المسخرة كان خطاب أوباما فى القاهرة مناسبة رائعة لتأكيد (ما هو مؤكد) أن العقل المصرى انكشف عواره وبانت عورته وهو يقف مدهشًا معجبًا فاغر الفم من الفرحة والوله برجل يسوق نفسه ويحسن صورة بلده بكلام فارغ وقديم ولا يحمل أى جديد ولا يساوى الحبر الذى كُتب به! ومع ذلك بدا هذا حال المجتمع المصرى من حكومته ومعارضيه ونخبته وقوى الشعب العامل .. «فيها فاهم» وجيل الشباب الفتك «اللى مش عاجبه العجب» فهرتل هاتفًا باسم أوباما بشكل مخزٍ ومخجل ومهين للوطنية، بل للإنسانية!

الكل باطل وقبض ريح!

انكشف ستر مجتمع بدا بأشد ما تكون السذاجة والبلاهة السياسية والثقافية حىن استقبل خطاب أوباما بتصفيق كلما قال جملة عربية أو آية قرآنية فى تصرف يكسف ويصيبك بالعار، فكأنما ننتظر اعترافًا من أوباما أو من غيره بديننا أو أننا نزداد قوة إيمان حين يداعبنا رئيس أمريكى بترجمة من القرآن الكريم، ثم يعترف أوباما بشرعية وجدوى حربين مستمرتين حتى الآن ضد العرب والمسلمين فى العراق وأفغانستان ، بينما يكاد جمهور الترسو يصفق لشجيع السيما أوباما ويسعى ليلقى عليه القبلات كأنه أميتاب باتشان يزور مهرجان القاهرة السينمائى، والرجل يلح على أن إسرائيل تعانى وتتألم من المقاومة الفلسطينية، وأن نزوح الشعب الفلسطينى مشكلة مؤرقة (كأن الفلسطينيين نزحوا فى رحلة سياحية وليس نتيجة مذابح ومجازر واحتلال إسرائيلى) ومع ذلك هلل جمهور كاظم الساهر الأمريكى وصفقوا وكان ناقص يرموا عليه دباديب وتقبله فتاة متحمسة من فرط إيمانها بحرية الرأى والتعبير!!

الحقيقة أننى لم أشعر بالأسى وبالخجل مما جرى للعقل المصرى، مثلما شعرت خلال خطاب أوباما ومما رأيت من تصرفات متدنية فى تعقلها واحترامها لثقافتها ووطنيتها!

لقد كشف الخطاب عمَّا صار مكشوفًا:

1- يمتلك المجتمع المصرى عاطفية مفرطة ومنطقًا متهافتًا ويفكر بمشاعره، ومشاعره هشة تحركها كلمة حلوة أو كالغوانى يغرهن الثناء، مجتمع بشنباته وبرجالته وبمثقفيه وشبابه ونشطائه وإعلامييه ينضحك عليه فى ساعة بكلمتين علاقات عامة فهذه والله قمة المسخرة.

2- لاتزال المضحكات فى مصر كما هى منذ قالها المتنبى بكل حكمته ورؤىته التنبؤية «وكم ذا بمصر من المضحكا ت ولكنه ضحك كبالكا» فها هم ممثلو شعب يهللون لرئيس يقتل شعوبا عربية ومسلمة فى ذات اللحظة ويغفل ويتغافل عن أى كلمة اعتذار ولا عن أى قرار أو وعد حقيقى ويعيد نفس كلمات جورج بوش بنفس الحروف فيما يخص العراق وفلسطين وأفغانستان ومع ذلك شعب مضحك صدق الأسمر أبو ضحكة جنان مليانة حنان وكأن أى مغتصب يمكنه أن يفعل فينا ما يشاء بشرط الكلمة الحلوة!!

3- شعور بالنقص والدونية يسيطر على أفكار وآراء وردود أفعال جمهور الترسو والبلكون فى خطاب أوباما، كما يسيطر على عقليات وتعبيرات ربات البيوت ومراهقى الجامعات الذىن فرحوا وهللوا ولم تسعهم السعادة حين مدح أوباما الإسلام أو ذكر آيات قرآنية، وهو ما يعبر عن مجتمع غير مطمئن لثقافته ولديه رغبة حارقة فى اعتراف الخواجات المتقدمين بأنه كويس ومستحمى وبيقص أظافره، وبتنا كأننا سفرجية أفلام الأبيض والأسود يسعدوا جدًا لما «سيدى البيه» يحضر فرح ابنتهم فى القرية حيث ترقص زينات علوى والناس تصرخ سيدى الباشا جه ياولاد.

4-النفاق الفاضح، والفصام الجارح، بننما كراهية عميقة ومعلنة وملحة للغرب الذى يسميه بعضنا استعماريا وبعضنا الآخر يقول عنه صليبا وبعضنا الثالث يراه إباحيا، فإذا جاء الغرب وطبطب ودلع ودعاهم لخطاب محاط بكل الشغل الأمريكانى تخلعت مفاصلهم وتراخت كراهيتهم وتراجعت مواقفهم، خذ بقى من أول ست البيت المنقبة وحتى الشيخ الملتحى والناشط الحقوقى والصحفى الألمعى، وكله على كله ولما تشوفه قوله، ثم هذا الفصام الذى يبدو كارثيا فى الانبهار بأمرى كا المجتمع ونمط الحياة وأفلام هوليوود وأوباما وبين كراهيتها التى تصل إلى حد اتهام أصحاب العلاقة الطيبة بها بالعمالة! هذا الفصام وذلك النفاق يتجلى تمامًا فى مشهد المواطنين الأمرى كان الشرفاء الذين تظاهروا أمام جامعة القاهرة ضد أوباما دفاعًا عن حقوق الفلسطينيين وضد انحيازه لإسرائيل، بينما بكوات وباشاوات مصر حكومة ومعارضة وولا حكومة ولا معارضة ولا حاجة هتفوا له وصفقوا وخرجت شخصيات مصرية كثيرة منها البسيط اللى على قده ومنها المتثاقف المتفذلك يحيون الرجل ويمتدحونه!

5- التساهل فى الحقوق والجهل بالمفاوضات، فما نسمعه من عشرات الشخصيات بتحليلاتهم أن أوباما يفتح صفحة جديدة يستدعى السؤال: وما هى علامات الصفحة الجديدة، وماذا يقدم وما هى الأمارات التى يقدمها كى نقتنع بحسن نواياه وبقدرته على الفعل والتنفيذ؟!، لا شىء على الإطلاق، قال نفتح صفحة جديدة فما صدق هؤلاء المفاوضون السذَّج والمتساهلون فى الحقوق وفرحوا ووافقوا بلا أى شروط ولا أى مطالب واكتفوا بكلمة شرف فريد شوقى لأحمد مظهر فى الفيلم، عرفتوا ليه اليهود بياكلونا فى أى مفاوضات؛ لأننا ندير علاقاتنا بهذا المنهج الساذج الذى لايزال ينهزم فى مباريات الشطرنج بطريقة نابليون!!

6- الشخصنة، نضع كل كراهيتنا ونصبها فى شخص ونركز كل حبنا ونمثله فى شخص، من هنا كانت كراهىة جورج بوش السبب الأول فى حبنا لباراك أوباما وكأن الحكاية شخصيات وأسماء وليست سياسات ومواقف، ثم مستعدون مادام أحببنا واحدًا أن نعطيه عيوننا ونمشى وراءه دون تفكير ولا تدبير، تمامًا مثلما قلنا زمان إن الاحتلال على يد سعد ولاَّ الاستقلال على يد عدلى (أرجو ألا أضطر لشرح أن المقصود بسعد هو سعد زغلول وبالآخر هو عدلى يكن وأن معاهدة الاستقلال رفضها المصريون؛ لأن مفاوضها هو يكن بينما هم لا يثقون إلا فى سعد!!)، وقد قالوا فى الماضى «ليس حبًا فى على، بل كراهية فى معاوية» مع أن عليا يستحق كل الحب فى ذاته ولذاته، كما أن معاوية يستحق أن نحكم عليه بالعدل وليس بالعواطف الكارهة! لكننا كما نحن لم نبرح عقلية الهوى!

7- الذاكرة المخرومة، فنحن شعب بلا ذاكرة ولا حد فاكر حاجة ولا مركز ولا عنده حافظة عقلية تضمن له عدم السقوط فى الشرك مرة أخرى فنحن نلدغ من جحر مرتين وثلاثة لو حبيت، فكل ما قاله أوباما قاله بالنص بوش، لكننا نزعم أن بوش دعا إلى صدام الحضارات وبوش غبى فعلاً لكن ليس لهذه الدرجة ولم يترك بوش خطابًا ولا بيانًا إلا وقال فيه مدائح أوباما بالضبط فى الدين الإسلامى، ثم إن بوش كان أول من أعلن موافقة أمريكا على إقامة دولة فلسطينية، وأن جورج بوش الأب مدمر العراق ومحرر الكويت طالب من سنوات تل أبيب بوقف الاستيطان ومع كل هذا لم يحدث أى من ذلك؛ لأن مسئولى العرب أضعف من أن يكونوا رجالاً، حتى إن الكل أطبق فمه حين قال أوباما فى خطابه إن المبادرة العربية للسلام ليست كافية أى الاستعداد للاعتراف العربى الرسمى الجماعى الفورى بإسرائيل ليس كافيا فما الذى يكفى يا سيد أوباما؟!

8- المبالغة البلهاء، فكما أطلق بعض المصريين على عيالهم اسم كارتر عقب توقيع اتفاقية كامب ديفيد بمشاركة الرئيس الأمريكى جيمى كارتر، وكما أطلق بعض الكوايتة اسم بوش على مواليد الكويت عقب تحريرها من الغزو العراقى بتحالف أمريكى، فها هم بعض من مصريينا وأعرابنا يمدحون أوباما إلى حد الابتذال الرخيص بترشيحه لرئاسة دولة عربية والحصول على أعلى الأصوات، والأمر كله تعبير عن أن العرب أجَّروا عقولهم ليهود خيبر.. الله أكبر!


;;