إبحث فى المدونة والروابط التابعة

بعلزبول .. ملك العالم السفلى

بعلزبول .. ملك العالم السفلى
نتن ياهووووووووووووووووووووووووو

لماذا لم يلق ِ الجمهور الدباديب على أوباما.. بالمرة؟!

كتب : ابراهيم عيسى - جريدة الدستور


مجتمع بشنباته وبرجالته وبمثقفيه وشبابه ونشطائه وإعلامييه ينضحك عليه فى ساعة بكلمتين علاقات عامة فهذه والله قمة المسخرة كان خطاب أوباما فى القاهرة مناسبة رائعة لتأكيد (ما هو مؤكد) أن العقل المصرى انكشف عواره وبانت عورته وهو يقف مدهشًا معجبًا فاغر الفم من الفرحة والوله برجل يسوق نفسه ويحسن صورة بلده بكلام فارغ وقديم ولا يحمل أى جديد ولا يساوى الحبر الذى كُتب به! ومع ذلك بدا هذا حال المجتمع المصرى من حكومته ومعارضيه ونخبته وقوى الشعب العامل .. «فيها فاهم» وجيل الشباب الفتك «اللى مش عاجبه العجب» فهرتل هاتفًا باسم أوباما بشكل مخزٍ ومخجل ومهين للوطنية، بل للإنسانية!

الكل باطل وقبض ريح!

انكشف ستر مجتمع بدا بأشد ما تكون السذاجة والبلاهة السياسية والثقافية حىن استقبل خطاب أوباما بتصفيق كلما قال جملة عربية أو آية قرآنية فى تصرف يكسف ويصيبك بالعار، فكأنما ننتظر اعترافًا من أوباما أو من غيره بديننا أو أننا نزداد قوة إيمان حين يداعبنا رئيس أمريكى بترجمة من القرآن الكريم، ثم يعترف أوباما بشرعية وجدوى حربين مستمرتين حتى الآن ضد العرب والمسلمين فى العراق وأفغانستان ، بينما يكاد جمهور الترسو يصفق لشجيع السيما أوباما ويسعى ليلقى عليه القبلات كأنه أميتاب باتشان يزور مهرجان القاهرة السينمائى، والرجل يلح على أن إسرائيل تعانى وتتألم من المقاومة الفلسطينية، وأن نزوح الشعب الفلسطينى مشكلة مؤرقة (كأن الفلسطينيين نزحوا فى رحلة سياحية وليس نتيجة مذابح ومجازر واحتلال إسرائيلى) ومع ذلك هلل جمهور كاظم الساهر الأمريكى وصفقوا وكان ناقص يرموا عليه دباديب وتقبله فتاة متحمسة من فرط إيمانها بحرية الرأى والتعبير!!

الحقيقة أننى لم أشعر بالأسى وبالخجل مما جرى للعقل المصرى، مثلما شعرت خلال خطاب أوباما ومما رأيت من تصرفات متدنية فى تعقلها واحترامها لثقافتها ووطنيتها!

لقد كشف الخطاب عمَّا صار مكشوفًا:

1- يمتلك المجتمع المصرى عاطفية مفرطة ومنطقًا متهافتًا ويفكر بمشاعره، ومشاعره هشة تحركها كلمة حلوة أو كالغوانى يغرهن الثناء، مجتمع بشنباته وبرجالته وبمثقفيه وشبابه ونشطائه وإعلامييه ينضحك عليه فى ساعة بكلمتين علاقات عامة فهذه والله قمة المسخرة.

2- لاتزال المضحكات فى مصر كما هى منذ قالها المتنبى بكل حكمته ورؤىته التنبؤية «وكم ذا بمصر من المضحكا ت ولكنه ضحك كبالكا» فها هم ممثلو شعب يهللون لرئيس يقتل شعوبا عربية ومسلمة فى ذات اللحظة ويغفل ويتغافل عن أى كلمة اعتذار ولا عن أى قرار أو وعد حقيقى ويعيد نفس كلمات جورج بوش بنفس الحروف فيما يخص العراق وفلسطين وأفغانستان ومع ذلك شعب مضحك صدق الأسمر أبو ضحكة جنان مليانة حنان وكأن أى مغتصب يمكنه أن يفعل فينا ما يشاء بشرط الكلمة الحلوة!!

3- شعور بالنقص والدونية يسيطر على أفكار وآراء وردود أفعال جمهور الترسو والبلكون فى خطاب أوباما، كما يسيطر على عقليات وتعبيرات ربات البيوت ومراهقى الجامعات الذىن فرحوا وهللوا ولم تسعهم السعادة حين مدح أوباما الإسلام أو ذكر آيات قرآنية، وهو ما يعبر عن مجتمع غير مطمئن لثقافته ولديه رغبة حارقة فى اعتراف الخواجات المتقدمين بأنه كويس ومستحمى وبيقص أظافره، وبتنا كأننا سفرجية أفلام الأبيض والأسود يسعدوا جدًا لما «سيدى البيه» يحضر فرح ابنتهم فى القرية حيث ترقص زينات علوى والناس تصرخ سيدى الباشا جه ياولاد.

4-النفاق الفاضح، والفصام الجارح، بننما كراهية عميقة ومعلنة وملحة للغرب الذى يسميه بعضنا استعماريا وبعضنا الآخر يقول عنه صليبا وبعضنا الثالث يراه إباحيا، فإذا جاء الغرب وطبطب ودلع ودعاهم لخطاب محاط بكل الشغل الأمريكانى تخلعت مفاصلهم وتراخت كراهيتهم وتراجعت مواقفهم، خذ بقى من أول ست البيت المنقبة وحتى الشيخ الملتحى والناشط الحقوقى والصحفى الألمعى، وكله على كله ولما تشوفه قوله، ثم هذا الفصام الذى يبدو كارثيا فى الانبهار بأمرى كا المجتمع ونمط الحياة وأفلام هوليوود وأوباما وبين كراهيتها التى تصل إلى حد اتهام أصحاب العلاقة الطيبة بها بالعمالة! هذا الفصام وذلك النفاق يتجلى تمامًا فى مشهد المواطنين الأمرى كان الشرفاء الذين تظاهروا أمام جامعة القاهرة ضد أوباما دفاعًا عن حقوق الفلسطينيين وضد انحيازه لإسرائيل، بينما بكوات وباشاوات مصر حكومة ومعارضة وولا حكومة ولا معارضة ولا حاجة هتفوا له وصفقوا وخرجت شخصيات مصرية كثيرة منها البسيط اللى على قده ومنها المتثاقف المتفذلك يحيون الرجل ويمتدحونه!

5- التساهل فى الحقوق والجهل بالمفاوضات، فما نسمعه من عشرات الشخصيات بتحليلاتهم أن أوباما يفتح صفحة جديدة يستدعى السؤال: وما هى علامات الصفحة الجديدة، وماذا يقدم وما هى الأمارات التى يقدمها كى نقتنع بحسن نواياه وبقدرته على الفعل والتنفيذ؟!، لا شىء على الإطلاق، قال نفتح صفحة جديدة فما صدق هؤلاء المفاوضون السذَّج والمتساهلون فى الحقوق وفرحوا ووافقوا بلا أى شروط ولا أى مطالب واكتفوا بكلمة شرف فريد شوقى لأحمد مظهر فى الفيلم، عرفتوا ليه اليهود بياكلونا فى أى مفاوضات؛ لأننا ندير علاقاتنا بهذا المنهج الساذج الذى لايزال ينهزم فى مباريات الشطرنج بطريقة نابليون!!

6- الشخصنة، نضع كل كراهيتنا ونصبها فى شخص ونركز كل حبنا ونمثله فى شخص، من هنا كانت كراهىة جورج بوش السبب الأول فى حبنا لباراك أوباما وكأن الحكاية شخصيات وأسماء وليست سياسات ومواقف، ثم مستعدون مادام أحببنا واحدًا أن نعطيه عيوننا ونمشى وراءه دون تفكير ولا تدبير، تمامًا مثلما قلنا زمان إن الاحتلال على يد سعد ولاَّ الاستقلال على يد عدلى (أرجو ألا أضطر لشرح أن المقصود بسعد هو سعد زغلول وبالآخر هو عدلى يكن وأن معاهدة الاستقلال رفضها المصريون؛ لأن مفاوضها هو يكن بينما هم لا يثقون إلا فى سعد!!)، وقد قالوا فى الماضى «ليس حبًا فى على، بل كراهية فى معاوية» مع أن عليا يستحق كل الحب فى ذاته ولذاته، كما أن معاوية يستحق أن نحكم عليه بالعدل وليس بالعواطف الكارهة! لكننا كما نحن لم نبرح عقلية الهوى!

7- الذاكرة المخرومة، فنحن شعب بلا ذاكرة ولا حد فاكر حاجة ولا مركز ولا عنده حافظة عقلية تضمن له عدم السقوط فى الشرك مرة أخرى فنحن نلدغ من جحر مرتين وثلاثة لو حبيت، فكل ما قاله أوباما قاله بالنص بوش، لكننا نزعم أن بوش دعا إلى صدام الحضارات وبوش غبى فعلاً لكن ليس لهذه الدرجة ولم يترك بوش خطابًا ولا بيانًا إلا وقال فيه مدائح أوباما بالضبط فى الدين الإسلامى، ثم إن بوش كان أول من أعلن موافقة أمريكا على إقامة دولة فلسطينية، وأن جورج بوش الأب مدمر العراق ومحرر الكويت طالب من سنوات تل أبيب بوقف الاستيطان ومع كل هذا لم يحدث أى من ذلك؛ لأن مسئولى العرب أضعف من أن يكونوا رجالاً، حتى إن الكل أطبق فمه حين قال أوباما فى خطابه إن المبادرة العربية للسلام ليست كافية أى الاستعداد للاعتراف العربى الرسمى الجماعى الفورى بإسرائيل ليس كافيا فما الذى يكفى يا سيد أوباما؟!

8- المبالغة البلهاء، فكما أطلق بعض المصريين على عيالهم اسم كارتر عقب توقيع اتفاقية كامب ديفيد بمشاركة الرئيس الأمريكى جيمى كارتر، وكما أطلق بعض الكوايتة اسم بوش على مواليد الكويت عقب تحريرها من الغزو العراقى بتحالف أمريكى، فها هم بعض من مصريينا وأعرابنا يمدحون أوباما إلى حد الابتذال الرخيص بترشيحه لرئاسة دولة عربية والحصول على أعلى الأصوات، والأمر كله تعبير عن أن العرب أجَّروا عقولهم ليهود خيبر.. الله أكبر!


0 التعليقات: