إبحث فى المدونة والروابط التابعة

بعلزبول .. ملك العالم السفلى

بعلزبول .. ملك العالم السفلى
نتن ياهووووووووووووووووووووووووو

على جسد إبراهيم.. إسرائيل تتعلم القنص!


نحو نصف الشهداء والجرحى من الأطفال والنساء



نحو نصف الشهداء والجرحى من الأطفال والنساء
غزة - ثمانية وعشرون حرفا من قاموس لغة الضاد ما عادت تكفي لتكوين مفردات جديدة تليق بوجع غزة وحزنها، وربما لن ينجح حرفا يحتل الترتيب الـ(29) أو حتى الـ(100) في ترجمة دمعة سالت بذهول وحرارة من عين أب أعدم الاحتلال صغيره أمام ناظريه، ثم بدءوا في الرقص على بحر دمه النازف والتباهي بتصويب رصاصات حقدهم نحو جسده الساكن بلا حراك.

خيوط الحكاية الحزينة نسجها العدوان الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة منذ 19 يوما، مسفرا حتى ظهر اليوم الأربعاء عن نحو ألف شهيد و4600 جريح نصفهم من النساء والأطفال.

عائلة عواجة الكائن بيتها في بلدة العطاطرة شمال القطاع كانت في كل صباح تستيقظ على شمس دافئة تغريهم بالنهوض باكرا، غير أن هذه الشمس وعصافيرها توارت واختفت مع بدء الحرب المجنونة، وانزوت الأسرة في أقصى ركن تبحث عن أمن مفقود.


إبراهيم صاحب الأعوام التسعة –وبعد أسبوع من المكوث بالمنزل- اقترب من أمه وهمس بشوق "تعالي نخرج لحديقة المنزل ونتناول الإفطار هناك.. لقد تعبنا من هذه الغرفة".. بعد ساعة من الزمن كانت أكواب الشاي الساخن ومائدة طعام شهية تتحدى خوفا سكن أما وزوجها وثلاثة من أبنائها.

"أبي إني أموووووت.."

ظنت الأسرة أنها في مأمن وسلام، ولم تكن تدري أن عيون الحرب تحاصرها وتتربص بضحكاتها؛ قذيفة أولى تنطلق.. تقطعها أخرى.. الجدران تتصدع وتنهار.. الشظايا تطير.. وصيحات الرعب تتعالى.. ينسكب الشاي وتتحطم الأكواب وينغمس الخبز في الدماء.

إبراهيم ابن التاسعة يصرخ بأعلى درجات ألمه "أبي إني أموووووت.."، يهرع والده لحمله بين أحضانه.. يضمه ويتحسس نزيفا يسيل من بطنه.. ينادي بخوف على زوجته "هيا لمغادرة المكان".. تهرول الأسرة إلى الخارج، وما إن تصل باب الحديقة حتى يزداد وابل الرصاصات.

رصاصة تشل حركة الأم وتصيبها في قدمها فتعجز عن السير أو حتى الالتفات، وتتمكن أخرى من خاصرة الأب فتطرحه أرضا، ويسقط إبراهيم إلى جواره لتباغته رصاصة دامية تسكت آخر أنفاسه.

ويحتمي الطفلان المتبقيان خلف كومة من ركام المنزل يبكون بصمت طويل.. يهدأ ضجيج الموت قليلا.. فتظن الأسرة أن مأساتها انتهت، وهي لا تعي أنها للتو بدأت، جنود قادمون بخطوات قاسية.. يراهم الأب فيتظاهر بالغيبوبة والانتقال إلى عالم آخر.

يقترب أحدهم من جسد إبراهيم المسجى ويقلبه بقدمه يمينا ويسارا.. ترتفع ضحكات الجنود ويصوب أحدهم من بعيد رصاصة إلى رأس إبراهيم الساكن.. تتبعها قهقهة تنزل سكينا حادا في قلب والده.. يسحبون الصغير إلى مكان مرتفع.. يرمونه برصاصات المباهاة ويتسابقون في القنص على الطفل الشهيد.

دقيقة.. فعشرة.. فساعة.. وصدر إبراهيم ورأسه لوحة متحركة لقنصهم.. يضحكون طويلا.. يلهون.. ويتسابقون.. ثم بعدها ينسحبون.

برد الليل الطويل ولسعاته القارسة تتكفل بإيقاف مؤقت لنزيف الأب الذي راح يزحف نحو زوجته ليمسك يدها ويحثها على الثبات والصمود.. تبكي فيبكي وتتعانق دموعهما على الحزن الكبير.

جراح الروح الغائرة

أربع ليال ببردها وبطء عقاربها مرت على عائلة عواجة.. طفل شهيد اخترقته عشرات الرصاصات.. أب ينزف وأم لا تتحرك.. "كيف تم إسعافهم؟".. الكيفية الدامعة هذه يسردها كمال عواجة والد الشهيد إبراهيم لـ"إسلام أون لاين.نت" بصوت لا صوت له "قتلوا طفلي بدم بارد.. أعدموه مرة وثلاثا وعشرا.. تفاخروا أيهم يستطيع التصويب على جسد صغيري من مسافة أبعد".

يغمض الأب المفجوع عينيه ليخرج من صورة تفاصيلها تدمي قلبه، يستدرك بوجع: "تظاهرت بالموت وهم يقتربون من إبراهيم.. ظننتهم سيجهزون عليّ.. لكن ما لم أتخيله يوما أنني سأشاهد ابني وهو يتحول إلى لوحة لمرمى نيرانهم.. مع كل رصاصة كانوا يتمتمون بكلمات لم أفهمها.. حروفها فقط كانت توحي بنشوتهم وسخريتهم.. وكأنهم في معركة انتهت بانتصارهم".

يصمت تاركا العنان لدموع تنهمر كما المطر، يتساءل بعدها بأسى: "ما الذي فعله طفلي ليقتلوه بهذه الوحشية والإجرام؟!.. لم يرحموا براءته ولا جسده الغض.. تنافسوا فيما بينهم لقنصه والإمعان في إعدامه".

جرح جسد الوالد المكلوم بدأ يلتئم بيد أن جرح روحه الغائر سيبقى مفتوحا على آخره.. "البرد الشديد أسكت تدفق دمي، واندمل الوجع في خاصرتي، لكن وجع قلبي لن يشفى ما بقيت حيا".

ويلفت كمال إلى أن أسرته بقيت أربعة أيام في العراء دونما دواء ولا شراب ولا طعام.. "في صباح اليوم الخامس، سمعنا صوت عربة كارو تجرها امرأة عجوز مقتربة من أنقاض منزلنا.. ولداي وزوجتي وأنا أخذنا نصرخ مستغيثين بأعلى صوت إلى أن سمعت العجوز نداءنا.. وعلى الفور ذهبت لنجدتنا وجلبت الإغاثة، وبعد ساعة كانت سيارة الإسعاف تنقلنا جميعا إلى مستشفى دار الشفاء".

"إنهم يحرقون الطفولة"

الأم التي ربط أحد أبنائها قدمها بمزقة من قميصه ليضمد جراحها ترقد الآن على سرير المرض لتتلقى العلاج، وذاكرتها عاجزة عن تخزين هذا الكم من المشاهد الحزينة، وتتساءل بحرقة "ما الذي تريده هذه الحرب البشعة لكي تستمر أكثر من هذا؟!".

سؤالها المرتجف سيبقى معلقا دونما إجابة تشفي صدرها المكتوي، ووحدها ستظل نداءات حقوقية تصدر من هنا وهناك تشبه سؤالها الذي يندد بجرائم محتل يحصد أخضر الأرض ويابسها، وتصفها بـ"حرب الإبادة".

شهادات تؤكد

فإذا كانت هذه الرواية من طرف واحد ومن السهل القول إنه لا توجد مصادر مستقلة تؤكدها أو تنفيها، فإن هناك العديد من الشهادات الحقوقية التي تتحدث عن "همجية" الاحتلال في استهداف الأطفال تؤكد مثل هذه الممارسات ومثيلاتها.

أحدث تلك الشهادات أطلقها المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان الذي أكد في بيان صدر مؤخرا ووصلت لـ"إسلام أون لاين.نت" نسخة منه أن "إسرائيل تستهدف في حربها اغتيال الطفولة وإبادتها.. فإن أغلب ضحايا الحرب على غزة هم من الأطفال دون الـ15 عاما".

وبحروف صاغها البيان بحزن بالغ أضاف: "لا يتم فقط استهداف الأطفال وقتلهم، بل يمعن الاحتلال في التمثيل بهم وتشويه أجسادهم، وبتر أطرافهم وحرق براءتهم.. تصلنا شهادات وإفادات خيالية لا يصدقها العقل".

وأشار البيان إلى أن "المركز وبقية المؤسسات الحقوقية الفلسطينية تعكف على توثيق كافة مجازر الاحتلال لتقديمها للمحاكم والمحافل الدولية لإدانة الاحتلال وقادته على ما ارتكبوه من جرائم لوثت تفاصيل الحياة الجميلة.. وحرقت الطفولة".


http://www.islamonline.net/servlet/Satellite?c=ArticleA_C&cid=1231926492833&pagename=Zone-Arabic-News/NWALayout

0 التعليقات: