إبحث فى المدونة والروابط التابعة
بعلزبول .. ملك العالم السفلى
منذ بضعة شهور فقط، صرَّح آفي ديختر وزير الأمن الداخلي الصهيوني السابق أنه في حال حدوث انقلاب في السياسة المصرية تجاه "إسرائيل"؛ فإنهم على استعداد إلى العودة إلى شبه جزيرة سيناء، وقال: "عندما انسحبنا من سيناء ضمنَّا أن تبقى رهينةً.. هذا الارتهان تكفله ضمانات أمريكية، من بينها السماح لإسرائيل بالعودة إلى سيناء، وكذلك وجود قوات أمريكية مرابطة في سيناء تمتلك حرية الحركة والقدرة على المراقبة، بل ومواجهة أسوأ المواقف، وعدم الانسحاب تحت أي ظرف من الظروف "وأن" سيناء مجردة من السلاح ومحظور على الجيش المصري الانتشار فيها هي الضمانة الوحيدة والأقوى لاحتواء أي تهديد افتراضي من مصر"، وأن "سيناء بعمق 150 كيلو مترًا مجردة من السلاح هي الضمان الذي لن نتخلى عنه في كل الظروف".
هذا ما نقلته الصحف "الإسرائيلية" عن نص محاضرة ألقاها في 4 يوليو الماضي في معهد أبحاث الأمن القومي في "إسرائيل".
وكان الرئيس الراحل أنور السادات قد صرَّح قبل ذلك بـ34 عامًا قبل أن يغيِّر موقفه في حديثه لمجلة (التايم) في" 19/3/1974 "إن الحديث الدائر في إسرائيل عن نزع سلاح سيناء يجب أن يتوقف، فإذا كانوا يريدون نزع سلاح سيناء فسوف أطالب بنزع سلاح إسرائيل كلها، كيف أنزع سلاح سيناء.. إنهم يستطيعون بذلك العودة في أي وقت يريدون".
إن هذه التصريحات لا يجب أن تفاجئنا، فحقيقة أن سيناء في خطر هي حقيقة قديمة وثابتة، ولكنها كانت إلى وقت قريب محجوبة عن العامة من الناس، إلى أن كشف العدوان الأخير على غزة وأحداث العام الماضي على الحدود المصرية الفلسطينية الكثير من خفايا كامب ديفيد ومعاهدة السلام.
وأصبح هناك الآن شبه إجماع وطني على ضرورة التحرر من قيودها، وعلى رأسها الترتيبات الأمنية القائمة في سيناء، والتي تحُول دون الدفاع عنها في حالة تعرُّضها لعدوان "إسرائيلي" جديد على الوجه الذي حدث في عامي 1956 و1967.
البديل
وفي مواجهة هذه المسألة تحديدًا، نقدم التصور التالي الذي يطرح الحد الأدنى المقبول وطنيًّا وسياديًّا، من الترتيبات الأمنية البديلة:
1 - وضع قواتنا في المنطقة (أ)، عرضها 58 كم شرق القناة مباشرةً.
· الترتيبات الحالية: مقيَّدة بـ22 ألف جندي فقط ومقيدة التسليح.
· الترتيبات المستهدفة: بلا قيود في العدد أو التشكيل أو التسليح أو التوزيع.
2 - وضع قواتنا في المنطقة (ب)، عرضها 109 كم بوسط سيناء:
· الحالية : مقيدة بـ4000 جندي حرس حدود فقط، مسلحين بأسلحة خفيفة.
· المستهدفة : بلا قيود على الإطلاق.
3 - وضع قواتنا في المنطقة (ج)، عرضها 33 كم غرب الحدود الدولية مباشرةً:
· الحالية : بوليس فقط، بالإضافة إلى 750 جندي حرس حدود، مسلَّحين بأسلحة خفيفة بموجب اتفاقية فيلادلفيا الموقَّعة في أول سبتمبر 2005 بين مصر و"إسرائيل".
· المستهدفة : بلا قيود على الإطلاق فيما عدا منطقة عرضها 3 كم، ولتكن اسمها (هـ) مثل المنطقة (د) بـ"إسرائيل"، سنتناولها في البند السابع.
4 - المطارات والموانئ العسكرية المصرية في سيناء:
· الحالية : محظورة تمامًا.
· المستهدفة : متاحة بلا قيود.
5 - وضع القوات "الإسرائيلية" في المنطقة (د) وعرضها 3 كم داخل "إسرائيل":
· الحالية : مقيدة بـ4000 جندي إسرائيلي.
· المستهدفة : ............ ...؟
6 - وضع القوات الإسرائيلية داخل إسرائيل وراء المنطقة (د:
· الحالية : بلا قيود على الإطلاق.
· المستهدفة : ............ ....؟
7 - منطقة مستحدثة (هـ) داخل مصر بمحاذاة الحدود الدولية، ومماثلة للمنطقة ( د) داخل إسرائيل وبعرض 3 كم فقط ومقيدة بـ4000 جندي مصري حرس حدود وبتسليح مماثل.
8 - الرقابة الأجنبية على إسرائيل:
· الحالية : من 50: 100 مراقب مدني داخل الشريط الحدود (د) ، حيث رفضت إسرائيل وجود قوات أجنبية على أراضيها.
· المستهدفة : ............ ........؟
9 - الرقابة الأجنبية على مصر في سيناء:
· الحالية : قوات أجنبية عددها حوالي 2000 فرد، متمركزة في قاعدتين عسكريتين في الجورة وفي شرم الشيخ، بالإضافة إلى 31 نقطة تفتيش أخرى.
· المستهدفة : مراقبون مدنيون فقط لا يتعدى عددهم 100، وبشكل مماثل للمراقبين الموجودين الآن في إسرائيل، يتمركزون في المنطقة المستحدثة هـ) ى الشريط الحدودي.
10 - هوية القوات الأجنبية في سيناء في حال فشل المطلب السابق:
· الحالية : قوات متعددة الجنسية تحت قيادة أمريكية و40% من تشكيلها قوات أمريكية والباقي من حلفاء أمريكا في الناتو وأمريكا اللاتينية.
· المستهدفة : قوات أمم متحدة تحت إدارة الأمم المتحدة وليس أمريكا.
· أو قوات متعددة الجنسية من دول عربية وإسلامية وصديقة وغير خاضعة للولايات المتحدة الأمريكية.
11- الحق في سحب القوات الأجنبية من سيناء.
· الترتيبات الحالية : لا يجوز لمصر المطالبة بسحبها إلا بعد موافقة مجلس الأمن، بما في ذلك التصويت الإيجابي للأعضاء الخمسة الدائمين فيه بالإجماع.
· الترتيبات المستهدفة : حق مصر في سحبها متى شاءت؛ تطبيقًا لقواعد السيادة في القانون الدولي وفي الدستور المصري.
الخلاصة..
انتهى عرض التصور البديل، والذي تنطلق فلسفته الرئيسية من تطبيق قواعد المساواة والمعاملة بالمثل من الناحية الأمنية على كل من مصر وإسرائيل، والاكتفاء بمنطقة مقيَّدة التسليح داخل مصر أسميناها المنطقة (هـ) تكون مطابقةً في عرضها وقواتها وتسليحها وقيودها والرقابة عليها للمنطقة (د) داخل إسرائيل.
ورفض الذريعة التي قدمتها إسرائيل وأمريكا، وقبلها المفاوض المصري حينذاك، والقائلة بتطبيق قاعدة النسبة والتناسب بين مساحة كل بلد ومساحة المناطق منزوعة السلاح، وما بني عليها من نزع سلاح مساحات من الأراضي المصرية أكبر (50) ضعفًا من مساحة المناطق المقيدة داخل إسرائيل.
فهذه الذريعة السخيفة وغير المقبولة وطنيًّا، تتجاهل حقيقة أن المعيار الأساسي هو التساوي في درجة المخاطر، فالمسافة بين أرتال الدبابات الصهيونية والتراب المصري هي 3 كيلو مترات فقط، يمكن قطعها في بضع دقائق، في حين المسافة بين 230 دبابة مصرية فقط وبين الحدود الدولية هي 150 كيلو مترًا، وفي هذا انحياز بيِّن وصريح لأمن إسرائيل على حساب أمن مصر.
ملاحظات أخيرة
1 - إن تحرير مصر من القيود الأمنية في سيناء هو بالدرجة الأولى مسئولية الإدارة المصرية التي اعترفت بإسرائيل، والتي وقَّعت هذه المعاهدة والتي وضعتنا في هذه الورطة التاريخية.
وتستطيع- إن توفرت الإرادة الوطنية- أن تحقق ذلك بخطوات عديدة، إحداها توظيف المادتين الرابعة والسابعة في المعاهدة، فالرابعة تؤكد حقنا في إعادة النظر في الترتيبات الأمنية، والسابعة تنظِّم القضايا الخلافية بين أطراف المعاهدة فيما لو رفضت إسرائيل على الوجه الذي حدث في قضية طابا.
2 - إن مطالبنا السابقة وطريقة عرضها لا تعني على أي وجه من الوجوه أننا على استعداد للاعتراف بإسرائيل أو بشرعية المعاهدة، وإنما رغبنا في تقديم البدائل الوطنية المرحلية في مسألة محددة، لسدِّ الذرائع على أنصار كامب ديفيد الذين يدَّعون طول الوقت أنه ليس في الإمكان أبدع مما كان.
3 - إن ما تناولته هذه الورقة مسألة واحدة فقط من مسائل متعددة في كيفية التحرر من كامب ديفيد.
4 - ولقد اخترنا البدء بالترتيبات الأمنية؛ لأنها مصدر الخطر والتهديد والضغط الرئيسي على مصر، والتي إن نجحنا في التحرر منها، نكون قد خلخلنا حجرًا كبيرًا في هذا البناء الكريه.
التسميات: دفتر أحوال الوطن
0 التعليقات:
إرسال تعليق